الطالب : «ولكن ألا ترى بدا من أن نكتب بأسلوب جميل؟»
الأستاذ : «لا بد من ذلك يا ولدي، ويجب عليك أن تبذل كل ما أوتيت من قوة وجهد في تحسين الأسلوب وتجميل العبارة؛ حتى تتناسب مع جمال الأصل، كما يجدر بأسلوب أن يجمع بين الوضوح والرشاقة والجمال، بحيث يعجب به كل من لم يطلع على الأصل!
وعليك أن تتجنب في نثرك العبارات الشعرية والكلمات والجمل والأساليب التي اختص بها الشعر وحده، فإن للشعر لغة وخصائص كثيرا ما تخالف لغة النثر وخصائصه.
ورب كلمة - هي في قافية قصيدة آية من آيات الجمال والموسيقية - إذا وضعت في جملة نثرية كانت آية من آيات فساد الذوق وضعف الأسلوب!»
الطالب : «فما هو الغرض الأول الذي نجعله نصب أعيننا حين نتعلم الإنشاء؟ وما هي الغاية الحقيقية التي نتطلع إليها من دراسة هذا الفن؟»
الأستاذ : «يجب أن ترمي إلى أمرين، إلى أمرين فقط؛ الوضوح، وحسن الصياغة! وهذان الغرضان من اليسير على أي طالب ذي كفاية متوسط أن يصل إليهما، إذا عني بهما عناية خاصة، ومرن نفسه على بلوغ هذه الغاية!
فإذا كنت ممن وهبه الله بلاغة، وقدرة على الافتنان في الأسلوب، والتصرف بفنون القول؛ نلت أعلى منزلة في الكتابة، على أنك - إذا لم يساعدك طبعك - وأردت أن تكون رشيق التعبير رائع البيان؛ فلن تصل إلى تلك المنزلة مهما بذلت من جهد في الدرس والتحصيل!»
الطالب : «ولكن من المؤكد أن في استطاعة كل إنسان أن يكتب بوضوح، وأن يكون أداؤه حسنا، فقد يظهر أن ذلك طبيعي جدا.»
الأستاذ : «ليس من السهولة بحيث تظن يا ولدي، فليس من الهين أن يكتب الإنسان كتابة واضحة حسنة الأداء.
لقد أصبح عصرنا حافلا بالكتب والصحف والمجلات، وأصبح إقبال المتعلمين على القراءة يفوق كل وصف، وكثيرا ما تزدحم أذهان الشباب بما قرأوه - مما لم يستوعبوه جيدا - فإذا حاول أحدهم أن يؤدي لك فكرة أداها مضطربة مشوشة لا سبيل إلى أن تفهمها؛ لأنه هو نفسه لم يفهمها حق الفهم! وليس لهذا من دواء إلا أن يعنى الناشئ بتفهم ما يقرأه واستيعابه؛ حتى لا تزدحم في ذهنه صور شتى من المعاني مضطربة متناقضة، ولخير للإنسان أن يقرأ كتابا واحدا وأن يفهمه حق الفهم من أن يقرأ ألف كتاب قراءة عجلى لا تمكنه من استيعاب شيء مما قرأ.
अज्ञात पृष्ठ