चेतना: मन की मूल पहेली के लिए एक संक्षिप्त गाइड
الوعي: دليل موجز للغز الجوهري للعقل
शैलियों
3
وعلى الرغم من أنه ليس من الواضح بعد كيف ترتبط أنواع القرارات الحركية البسيطة تلك بقرارات أكثر تعقيدا، مثل اختيار ما سنأكله في الغداء أو الاختيار بين عرضي عمل، فلا شك أن علم الأعصاب الحديث يوفر لنا رؤية آخذة في التطور بسرعة للعقل البشري. ولدينا الآن سبب للاعتقاد بأنه إذا استطاع شخص آخر الوصول إلى نشاط معين يحدث داخل دماغك، فسيتمكن من معرفة ما ستفعله قبل أن تعرف أنت نفسك.
إن حدسنا المتمثل في أن الوعي يقف وراء سلوكيات معينة نابع من شعورنا بأننا نتخذ القرارات بحرية في هذا العالم، بينما أعمالنا الإرادية ترتبط ارتباطا وثيقا بإحساسنا بالتحكم الواعي في اللحظة الراهنة. وسواء أكان القرار الذي نفكر فيه صغيرا مثل اختيار شرب الماء بدلا من عصير البرتقال، أم قرارا ذا تبعات كبيرة، مثل قبول وظيفة في تكساس بدلا من وظيفة أخرى في نيويورك، فإننا نشعر بشدة أن الوعي مطلوب لعمليات التفكير (وحتى التفضيلات) الضرورية لاتخاذ قرار ما. ومن ثم، فإن النتائج المتعلقة بكيفية اتخاذ القرارات على مستوى الدماغ - والتأخير بمقدار عدة أجزاء من الألف من الثانية في إدراكنا الواعي للمدخلات الحسية وحتى أفكارنا - تسببت في وصف العديد من علماء الأعصاب، بما في ذلك جازانيجا، لشعور الإرادة الواعية بأنه وهم. لاحظ أنه في مثل هذه التجارب، شعر المشاركون بأنهم يقومون بفعل ما بإرادتهم الحرة، بينما الواقع أن هذا الفعل قد بدأ بالفعل قبل أن يشعروا أنهم اتخذوا قرار التحرك.
وتعززت الحجة القائلة بأن الإرادة الواعية هي وهم من خلال حقيقة أن هذا الوهم يمكن تحفيزه والتلاعب به عن عمد. فقد استطاع القائمون على التجارب إحداث شعور بالإرادة لدى المشاركين في هذه التجارب في حين لم يكن لهؤلاء الأشخاص في الواقع أي تحكم فيما يحدث. ويبدو أنه في ظل الظروف المناسبة، من الممكن إقناع الناس بأنهم بدءوا بوعي في القيام بفعل ما، في حين يتحكم شخص آخر في هذا الفعل في واقع الأمر. أجرى عالما النفس دانيال فيجنر وتاليا ويتلي سلسلة من هذه الدراسات. يقول فيجنر موضحا:
نجعل المشارك في التجربة يضع يده على لوحة صغيرة موضوعة فوق فأرة كمبيوتر، وهذه الفأرة تحرك مؤشرا على شاشة الكمبيوتر. تحتوي الشاشة على مجموعة متنوعة من الأشياء المختلفة، مثل صور من كتاب «أنا أتجسس»؛ وهي في هذه الحالة صور ألعاب بلاستيكية صغيرة. ولدينا أيضا في الغرفة حليف في التجربة إلى جانب المشارك؛ وكلاهما يضع سماعات رأس، ويطلب منهما معا تحريك المؤشر على الشاشة والتوقف على شيء على الشاشة كل بضع ثوان، متى سمعوا صوت موسيقى. ... في أغلب الأحيان، يسمعان أصواتا عبر سماعات الرأس التي يضعانها، وبعض هذه الأصوات هي أسماء لأشياء موجودة على الشاشة. يحدث الجزء الرئيسي من التجربة عندما يطلب من الحليف في التجربة - في بعض المحاولات - إجبار المشارك في التجربة على وضع المؤشر على شيء معين على الشاشة، بحيث لا يكون الشخص الذي نختبره هو من فعل ذلك، وإنما أجبر عليه. يبدو الأمر كما لو أن شخصا ما كان يغش على لوح «ويجا» (الذي يظن البعض أنه وسيلة للتخاطب مع الأرواح). ومن ثم نقوم بإسماع اسم شيء ما للمشارك في التجربة قبل أو بعد إجباره على التحريك بمدة زمنية معينة، وقد وجدنا أنه إذا قلنا اسم الشيء قبل ثانية واحدة فقط من إجبار المشارك على الانتقال إليه على الشاشة، فإنه يفيد بأنه فعل ذلك عمدا. ... إذن فمن الممكن اختلاق الشعور بالإرادة والإيهام به؛ ومع ذلك، فإننا نعيش حياتنا اليومية ونحن نشعر بعكس ذلك.
4
فما هو الدور الذي يلعبه الوعي إذا لم يكن هو خلق إرادة التحرك وكان مجرد مشاهد لهذا التحرك وهو يحدث، وكل ذلك في ظل وهم أنه هو المسئول؟ يمكننا الآن أن نرى كيف أن الشعور بالإرادة الحرة - كما نختبره عادة - ليس بالبساطة التي يبدو عليها. وإذا بددنا هذا المفهوم الشائع، يمكننا البدء في التشكيك في فكرة أن الوعي يلعب دورا أساسيا في توجيه السلوك البشري.
من المهم أن أوضح أنني عندما أتحدث عن طبيعة الإرادة الحرة في هذا السياق، فإنني أشير تحديدا إلى الشعور بالإرادة «الواعية». إنني أشير إلى الوهم الأساسي اليومي الذي يبدو أنه يلازمنا جميعا: أننا «ذوات» متمايزة ومنفصلة؛ ليست منفصلة فقط عن المحيطين بنا وعن العالم الخارجي، ولكن حتى عن أجسادنا نفسها، كما لو أن تجربتنا الواعية بطريقة ما تطفو مستقلة عن العالم المادي. فعلى سبيل المثال، لدي - مثل أي شخص آخر - ميل سخيف إلى اعتبار «جسدي» (بما في ذلك «رأسي» و«دماغي») شيئا يسكنه وعيي؛ في حين أن الحقيقة هي أن كل ما أفكر فيه على أنه «أنا» يعتمد على وظائف دماغي. فحتى أدنى التغيرات العصبية التي قد تحدث عن طريق التسمم مثلا، أو المرض، أو الجرح، يمكن أن تجعل «الأنا» غير قابلة للتعرف عليها. ومع ذلك، لا يبدو أنني أستطيع زعزعة الحدس الخاطئ القائل بأنه يمكنني حتى اختيار ترك جسدي (فقط لو كان بإمكاني معرفة كيفية فعل ذلك) وكل شيء يشكل «الأنا» سيظل بطريقة سحرية ما قائما دون مساس. من السهل أن نرى كيف أن البشر في جميع أنحاء العالم، جيلا بعد جيل، قاموا دون عناء كبير ببناء مفاهيم مختلفة عن «الروح»، وأوصاف لحياة بعد الموت تحمل تشابها مذهلا مع الحياة قبل الموت.
غير أن الدماغ، كنظام، يمتلك بالفعل نوعا من الإرادة الحرة؛ حيث إنه يتخذ القرارات والخيارات على أساس معلومات خارجية، وأهداف داخلية، وعملية تفكير معقدة. ولكن عندما أناقش وهم الإرادة الواعية هنا ، فإنني أتحدث عن الوهم القائل بأن «الوعي هو الإرادة نفسها».
5
अज्ञात पृष्ठ