وأمعن في التلطف، واشتد ضيق الفتاة بذلك حتى قال له ذات يوم: إنك لتغلو في الرفق بي والتلطف إلي، وإنك لتريد الإحسان فتخطئه إلى الإساءة، وإنك لتعلم أني محتاجة منك إلى شيء غير هذا التلطف والترفق.
قال الفتى في تواضع وتضاؤل: وما ذاك؟
قالت الفتاة في سخرية مرة لاذعة تمزق القلب: إنك لتعلم أنك حر وأني ...
قال الفتى: مهلا! إني حديث عهد بالحرية، فقد كنت قنا
138
منذ عامين.
قالت: قنا منذ عامين، وقد ردت إليك الحرية وانحط عنك الرق،
139
فأنت أرفع مني مكانا وأحسن مني حالا، فما تواضعك وتضاؤلك وإمعانك في العناية بما مضى من الدهر، وأنت خليق - لا أقول بأن تستكبر وتستعلي - وإنما أقول بأن تذكر ما نحن عليه اليوم، وما يمكن أن نصير إليه غدا، إنك لتذكر أني كنت أميرة، وتحفظ لي حق الإمرة، ولكنك أجدر أن تذكر أن الإمرة قد مضت مع الأيام التي مضت، وأني قد صرت إلى الرق حين عدت أنت إلى الحرية، وأنت بعد هذا كله قد اتخذتني زوجا.
قال الفتى: إنما اتخذتك زوجا لأرد عنك ما يراد بك من سوء.
अज्ञात पृष्ठ