قال خلف: ابنة أخت أبرهة؟
قال سحيم: نعم؛ ابنة أخت أبرهة.
قال خلف: ما اسمها؟
قال سحيم: ما أدري، ولكن لم أكد أرى جسمها الضئيل الرشيق الجميل حتى سميتها حمامة، وحتى رأيت أنها لا تصلح لأحد من خثعم ولا أحد من العرب إلا أن يكون سيدا من سادات قريش حماة البيت وسدنة
116
الآلهة، وأنت تعلم ما بيني وبينك من الحلف والود القديم.
وهم خلف أن يسأله عما يريد لها من ثمن، ولكن سحيما قال له عجلا: مهلا أبا أمية، إني لم آتك بهذه الأميرة تاجرا، وإنما أتيتك بها مطرفا لك هدية الصديق إلى الصديق.
قال خلف: وصلتك رحم! وأظهر الرضا والاستبشار والشكر، وعرف في دخيلة نفسه أن هدايا الأعراب تقبل وتجزى بخير منها. ثم أمر بالفتاة فحولت إلى حيث أهله، لم ينظر إليها ولم يحفل بالنظر إليها، ثم تحدث إلى سحيم فيما يتحدث فيه المضيف إلى الضيف ساعة، ثم أطرق إطراقة طويلة، ووقع في نفس سحيم أن طرفته لم تبلغ من نفس صديقه ما كان يريد، ولكن خلفا يرفع رأسه ويقول: هل تعلم يا سحيم أنك لم تسد إلي معروفا كهذا المعروف الذي أسديته إلي منذ اليوم؟ إنا لم نقاتل أبرهة، ولم نذد عن البيت ، وإنما أمرنا أن نتفرق عنه وأنت نترك حمايته لربه، وقد حمى صاحب البيت بيته ورد عنا أبرهة وفيله وأحباشه، ونحن ننظر إلى ذلك من قمم الجبال ومن ثنايا الطرق التي أوينا إليها وتفرقنا فيها، فلما ارتد عنا العدو ثبنا
117
إلى مكة وعدنا إلى بيوتنا، وفي نفوس كثيرة منا حسرات؛ لأنا لم نؤد لهذا البيت حقه علينا من الذود عنه والقيام دونه،
अज्ञात पृष्ठ