يريد أن يكون ممثلا كوميديا أيضا، فيجمع إلى بطولة المأساة بطولة الإضحاك. وهو يعلم أن موهبته بقدر ما يريد.
أنشأ المسرح.
وبدأ التمثيل، وكان لا بد من البروفات، وكان المخرج أمينا، ولكنه وجد نفسه وجها لوجه أمام رجل صاحب مال، ولكنه يقف لأول مرة على المسرح فانتحى به جانبا. - أستطيع أن أقول لك إنك أعظم ممثل في العالم. - غير معقول! - أنت صاحب المال، والمفروض أن صاحب المال هو أعظم كل شيء في العالم. - ولكنك أمين. - ليس فقط لأنني أمين، ولكن أيضا أعلم أن كذبي سينكشف منذ اللحظة الأولى التي سيرفع فيها الستار عنك. - وماذا ترى؟ - ماذا ترى أنت؟ - أمرك. - أمري أن تؤجل افتتاح المسرح عاما كاملا. - عاما كاملا؟ - أعلمك فيه التمثيل. - وهل عندي موهبة؟ - أكذب أيضا لو قلت إنني أعرف؛ فكثيرا ما انتظرنا أن يصبح تلميذ من تلاميذنا أحسن ممثل في العالم، ثم لا يقبله الجمهور. والعكس صحيح؛ نجح من كنا نتوقع لهم الفشل الذريع. - ولكني أعبد المسرح. - المسرح لا يهتم كثيرا بمن يعبدونه أو لا يعبدونه. - وكيف أعرف؟ - أستطيع بعد فترة من تمرينك أن أخبرك، ولكن الحكم ليس لي. - للجمهور. - إنه لا يهمه أن تكون صاحب مال أو لا تكون، ولا يهمه أن تكون صاحب موهبة أو لا تكون، هو يقبلك وهو لا يقبلك، دون سبب، وهو لا يحتاج أن يبدي أسبابا. - والنقاد؟ - لا شأن للجمهور بالنقاد؛ فقد يصفقون ويشقون حناجرهم بالهتاف للرواية أو للمسرحية أو للمؤلف أو للممثل، ولا يقبل الجمهور، وقد يكيلون الصفعات ويقبل الجمهور. - إذن! - الأمر لك. - ليكن ما تريد.
وبدأ العام واستطاع صحفي ذكي أن يتعرف على بهجت، واستطاع أن يجعل من تجربته هذه مادة صحفية فيها طرافة وفيها جد، وفيها أيضا شهرة سبقت بهجت إلى المسرح، وأقبل عليه مصورو الصحف يلتقطون صورته وهو يتعلم التمثيل، ويجرون معه الأحاديث فيخبرهم عن الكتب التي يقرؤها في هذا الفن، واستطاع المخرج فعلا أن يجمع له برنامج المعهد العالي كله في عام واحد. أما الامتحان فهو لم يكن في حاجة إليه. وكانت المجلات والصحف تضع عناوين مثيرة للتجربة: المحامي يترك ساحة القضاء إلى خشبة المسرح، بهجت شاكر لا يستعجل الشهرة وإنما يعد نفسه للفن الصحيح ... والمجال واسع والصحفيون في إنشاء العناوين لا مثيل لهم.
وانقضى العام، وكان بهجت ذكيا، فلا يقبل أن يكون هو بطل الرواية، وإنما قدم أحد عمالقة المسرح، ونخبة متألقة من نجومه ليقف في ظله وظلها.
ونزلت الإعلانات في بذخ الأسماء الكبيرة: أحمد فؤاد، وسهام سامي، وبالخط الكبير الضخم، وتحتها في تواضع: بهجت شاكر.
أحمد فؤاد، ممثل أصبحت شهرته تملأ العالم العربي أجمع، واستطاع من خشبة المسرح أن يكون نجما سينمائيا شهيرا.
وسهام سامي فتاة في ريعان العمر متألقة الجمال، قفزت هي الأخرى إلى السينما، وأصبح تمثيلها على المسرح حدثا فنيا من شأنه أن يحقق النجاح.
وكانت الليلة الأولى.
ويرى الجمهور لأول مرة في حياته ويراه الجمهور.
अज्ञात पृष्ठ