308

الاصول العقلائية تعيين أي الحالتين لعله في غير محله ؛ إذ الاصول العقلائية كالشرعية إنما يجري في ما إذا ترتب عليها أثر عملي.

نعم اللائق بالبحث هو الأمر الحكمي العقلي وهو تصوير عدم لزوم القبح على الحكيم تعالى على تقدير النسخ وعدم مخالفته للقضية المشهورة «حلال محمد صلى الله عليه وآله الخ» وتصوير ذلك على تقدير التخصيص من جهة قبح تأخير البيان ، وقد عرفت تصويره على كلا التقديرين ، وأما الخاص المتقدم ففيه يظهر الثمر العملي بين التخصيص والنسخ ؛ إذ الأمر فيه دائر بين أن يكون الخاص تخصيصا فرديا للعام وبين أن يكون العام تخصيصا زمانيا للخاص ، فعلى الأول يكون الفرد الخاص بعد ورد العام محكوما بحكم الخاص ، وعلى الثاني يكون محكوما بحكم العام.

وملخص الكلام فيه أن العام لو كان واردا قبل حضور العمل به فالظاهر عدم الإشكال في كونه مخصصا للعام ، ولو كان واردا بعد ذلك فإن حصل لنا من كثرة وقوع التخصيص وشيوعه وندرة وقوع النسخ الظن الاطميناني بالتخصيص الذي هو عند العقلاء بمنزلة العلم ، ويكون احتمال خلافه في حكم العدم فنعم المطلوب ، وإن لم يحصل من ذلك إلا الظن الغير البالغ حد الاطمئنان فحيث لا دليل على اعتبار هذا الظن وحجيته لعدم كونه لفظيا فنرجع إلى دلالة اللفظين ، وقد عرفت معارضة أصالة العموم الأزماني في الخاص لأصالة العموم الأفرادي في العام.

وتوهم أن الأول إطلاقي حاصل بمقدمات الحكمة والظهور في الثاني وضعي فيكون له الورود على الأول مدفوع ، مضافا إلى أن العموم الأفرادى أيضا قد يكون إطلاقيا ، ومحل الكلام عام للقسمين بأن ما يمنع من انعقاد مقدمات الحكمة هو البيان المتصل ، فعند عدم البيان المتصل ينعقد الظهور الإطلاقي للكلام ، فلو وجد بعد ذلك ظهور مخالف كان معارضا له وإن كان وضعيا.

وكيف كان فإن كان أحد هذين الظهورين أقوى من الآخر كان هو المقدم وإلا فالمرجع هو الأصل العملي ، وهو دائما يكون استصحاب حكم الخاص.

فتحصل أن الخاص المتأخر بكلا قسميه لا يليق بالبحث إلا من الجهة العقلية ، و

पृष्ठ 311