وجهه أن قولهم : إن العام يكون له ظهور مستقر فيكون موضوعا للحجية في صورة الانفصال إنما يتم في العام الواقع في كلام من يتكلم لتحصيل أغراضه الشخصية ، كما هو المرسوم في مكالمات العامة ؛ إذ المرسوم أنه لو كان للعام مخصصات ذكروها بجملتها في مجلس ذكر العام ، فلو قيل : أضف كل عالم هذا البلد ولم يستثن أحدا علم أن مراده الجميع ، حتى لو صرح بعد انقضاء المجلس باستثناء فرد منهم يحمل على حصول البداء له بالنسبة إلى هذا الفرد وأنه كان إلى الآن بانيا على ضيافته فظهر له الآن كون الصلاح في ترك ضيافته.
وهذا بخلاف كلام المتكلم الذي يتكلم في الامور العامة وتأسيس القوانين ، فإنه ربما يذكر عاما في مجلس ولم يقتض المصلحة ذكر مخصصه معه ، فيذكر المخصص في مجلس آخر ، فالعمومات الواقعة في كلام هذا المتكلم لا بد أن يعامل معها معاملة العام الواقع في كلام المتكلم الأول قبل فراغه من الكلام ، فكما ليس للمخاطب هناك الاعتماد على الظهور البدوي في العموم ، بل لا يستقر ظهوره فيه إلا بعد انقضاء الكلام وعدم ذكر المخصص ، كذلك هاهنا ليس له الحكم بالظهور في العموم بمجرد أخذه لفظا عاما في مجلس ؛ إذ لا يستقر له ظهور إلا بعد التتبع والفحص عن المخصص في المجالس الأخر التي يجوز تأخير ذكر المخصص إليها ، فعند عدم وجدانه بعد هذا الفحص يستقر الظهور في العموم ، فالمجالس المتعددة لهذا المتكلم في حكم المجلس الواحد لذاك.
والذي يدل على ما ذكرنا من عدم استقرار الظهور وعدم صيرورة العام موضوعا للحجية بالنسبة إلى هذا المتكلم إلا بالفحص المذكور لزوم الفحص عن المخصص وعدم جواز التمسك بالعام قبله.
فإن قلت : لعله من جهة كثرة التخصيص بحيث قيل : ما من عام إلا وقد خص.
قلت : لو كان كذلك لكان اللازم الفحص إلى حد صار التخصيص خارجا عن
पृष्ठ 284