218

كذلك إسراء الحكم التحريمي المستفاد من النهي إليها بلا فرق.

ولكن الحق هو الفرق بين وقوع المطلق في حيز الإثبات ووقوعه في حيز النفي أو النهي ، ففي الأول نحتاج في إسراء حكمه إلى تمام الأفراد إلى المقدمات المذكورة وفي الثاني لا نحتاج.

وبيانه أنه لا بد في باب الألفاظ بأسرها من المطلقات والألفاظ الدالة بالوضع من الفراغ عن مقدمة ، وبعد اشتراكهما في الاحتياج إلى تلك المقدمة يتفرد المطلقات بالاحتياج إلى أمر زائد ، وهذه المقدمة هي أن الأصل في كلام كل متكلم أن يكون صادرا بغرض تفهيم المراد وإفادة المقصود لا بغرض آخر كتعلم اللغة ونحوه ، ففي غير المطلقات يعلم المقصود بعد إجراء هذا الأصل ، ولم تبق حالة منتظرة ، فالشاك في مجيء زيد بسبب إجراء الأصل في كلام القائل : جاء زيد ، يستفيد المقصود.

وأما المطلقات فليست موضوعة بإزاء المطلق حتى يعلم المقصود فيها أيضا بمجرد إجراء الأصل المذكور فيحكم في قوله : اعتق رقبة بمطلوبية مطلق الرقبة ، بل إنما وضعت بإزاء المعنى اللابشرط المقسمي الصالح للإطلاق والتقييد على ما هو المشهور المتصور المأثور من سلطان المحققين قدسسره .

فالذي يستفاد من قوله : أعتق رقبة بحسب الدلالة الوضعية ليس إلا مطلوبية عتق هذه الطبيعة المهملة ، وحيث إن من المعلوم أن المراد اللبي ومتعلق الغرض الجدي النفس الأمري ليس إلا المطلق أو المقيد ، فبعد إحراز كون المتكلم بصدد بيان تمام المراد اللبي وإثبات عدم إرادة المقيد بواسطة عدم ذكر القيد يثبت قهرا إرادة المطلق.

وبالجملة الفارق بين المطلقات وغيرها أن المدلول الوضعي في غيرها واف بتمام المقصود ، فلا جرم لا حاجة إلى غير الأصل المذكور ، وفيها قاصر عن تمامه ، فلا جرم يحتاج في التتمة إلى إحراز المقدمات المذكورة ، بحيث لو لم يحرز تلك المقدمات لم يمكن إلزام المتكلم بإرادة المطلق ؛ إذ مع عدم إحراز كونه بصدد البيان له أن يقول : إني لست إلا بصدد بيان هذا المقدار من الغرض ، كما في قول الطبيب : لا بد لك من

पृष्ठ 221