उसूल फिकह

Muhammad Ali al-Araki d. 1415 AH
154

المقصود أن الطالب للشيء لو التفت إلى مقدمات مطلوبه يجد من نفسه حالة الإرادة على نحو الإرادة المتعلقة بذيها ، كما قد يتفق هذا النحو من الطلب النفسي أيضا فيما إذا غرق ابن المولى ولم يلتفت إلى ذلك أو لم يلتفت بكونه ابنه ؛ فإن الطلب الفعلي في مثله غير متحقق ؛ لابتنائه على الالتفات ، لكن المعلوم من حاله أنه لو التفت إلى ذلك لأراد من عنده الإنقاذ ، وهذه الحالة وإن لم يكن طلبا فعليا إلا أنها تشترك معه في الآثار ، ولهذا نرى بالوجدان في المثال المذكور أنه لو لم ينقذ العبد ابن المولى عد عاصيا ويستحق العقاب.

ومنها اتفاق أرباب العقول كافة عليه على وجه يكشف عن ثبوت ذلك عند العقل نظير الإجماع الذي ادعي في علم الكلام على وجود الصانع أو على حدوث العالم ؛ فإن اتفاق أرباب العقول كاشف قطعي إجمالا عن حكم العقل ، فلا يرد على المستدل أن المسألة لكونها عقلية لا يجوز التمسك لها بالإجماع ، لعدم كشفه عن رأي المعصوم عليه السلام ؛ لأن الإيراد متوجه لو أراد من الإجماع المستدل به الإجماع الاصطلاحي ، أما على الوجه الذي قررناه فلا مجال للإيراد ، هذا ولكن الشأن في إثبات مثل هذا الاتفاق.

ومنها أن المقدمة لو لم تكن واجبة لجاز تركها ، فحينئذ فإن بقي الواجب على وجوبه يلزم التكليف بالمحال وإلا يلزم خروج الواجب المطلق عن كونه واجبا مطلقا ، وبطلان اللازمين مما لا كلام فيه فكذا الملزوم.

والجواب أن ما اضيف إليه الطرف في قوله فحينئذ إن كان الجواز ، نختار الشق الأول أعني : بقاء الواجب على وجوبه ولا يلزم المحذور قطعا ؛ لعدم معقولية تأثير الوجوب في القدرة ، وإن كان الترك مع كونه جائزا ، فإن فرض إمكان ايجاد المقدمة عند ذلك بأن كان الوقت موسعا فنختار أيضا الشق الأول ولا يلزم التكليف بالمحال وهو واضح ، وإلا بأن انقضى زمان الإتيان بها فنختار الشق الثاني ، وقوله : يلزم خروج الواجب المطلق عن كونه كذلك فإن أراد خروجه من أول الأمر عن كونه كذلك كما هو ظاهر عبارته فنمنع الملازمة ، وإن أراد خروجه بعد ترك المقدمة و

पृष्ठ 157