المندوحة في جانب الأمر ، والمفروض عدمها في المقام ، بل لا بد حينئذ من ملاحظة الترجيح بين مفسدة المقدمة ومصلحة ذيها ، فإن رجح الاولى صار ذو المقدمة مبغوضا ، وإن رجح الثانية صارت المقدمة محبوبة.
مثال ذلك : كما لو توقف إنقاذ الغريق على المشي من طريق واحد مغصوب ، فلا بد إما من ترجيح مفسدة الغصب وإما من تقديم مصلحة الإنقاذ.
وإن كانت المقدمة مرددة بين أفراد وأبدال بحيث أمكن التوسل إلى ذيها بكل واحد ، فلا شك في أن قضية وجوب ذي المقدمة ليس بأزيد من وجوب طبيعة المقدمة الصادقة على كل واحد وليس له اقتضاء وجوب الخصوصيات.
وحينئذ فإن كان في خصوص واحد معين من هذه الأفراد مفسدة تعيينية فاللازم بحكم العقل تقييد الوجوب المقدمي بما سوى هذا الفرد ؛ لأن مقتضى الجمع بين غرضي الآمر ذلك ، فلو كان للإنقاذ طريقان أحدهما مغصوب والآخر مباح فمقتضى الجمع بين إرادة ترك الغصب وإرادة الإنقاذ قصر الوجوب على الطريق المباح ؛ ولهذا أيضا نقول بفساد الصلاة في الدار الغصبية ؛ فإن المصلحة الصلاتية لا اقتضاء بالنسبة إلى خصوصيات الأفراد ، ولكن مفسدة الغصب مقتضية لحرمة كل شخص على التعيين ، ولا شك في أن مسألتنا من القبيل الثاني ، بمعنى أن الوضوء الذي هو واجب طبعا مقدمة للصلاة مردد بين أفراد متصورة قبل الوقت وأفراد متصورة بعده.
إذا تقرر ذلك فنقول : كما أن وجود المفسدة التعيينية في نفس أحد الأبدال ولو كانت في غاية الضعف يوجب تعيين الوجوب فيما سواه ، كذلك يمكن أن تكون المفسدة في إيجابه به مع كون المصلحة التامة في نفسه ، كما استفيد ذلك في السواك من قوله صلى الله عليه وآله وسلم : لو لا أن أشق الخ ، فيصير ذلك أيضا سببا لتقييد الإيجاب بما عداه من الأبدال لما ذكر من الجمع بين الغرضين.
وحينئذ فإن قام نص أو إجماع على صحة الصلاة بالوضوء الذي اتى به قبل الوقت بوجه صحيح وعلى عدم اتصاف الوضوء بالوجوب قبله فلا محالة يكون هذا
पृष्ठ 142