فلا بد أن يحصل مقدمات الاستقبال ويوقعه قبل وقوع القدوم.
وبالجملة ، فالدليل الأسد الانص من أدلة وجوب المقدمة فيما إذا كانت الإرادة مطلقة وهو شهادة الوجدان عليه ، بعينه موجود في الإرادة المشروطة بعد العلم بأن الشرط سيتحقق ، وحينئذ فإن كانت المقدمة ممكن التحقق قبل وجود الشرط وبعده كما في بعض أسباب الضيافة حيث إن الوجدان لا يفرق في ملاك المقدمية بين تحصيلها قبل مجيء الضيف وبينه بعده مع معلومية مجيئه فنسبة الوجوب إلى الفرد الواقع قبل الشرط والفرد الواقع بعده على السواء ، فتكون المقدمة واجبا موسعا مخيرا بين أفرادها ، وإن كانت لا بد وأن يتحقق قبل الشرط بحيث لو أخر يصير متعذرا كان الوجوب بالنسبة إلى ما قبل الشرط مضيقا ، فلو تركها فصار ذو المقدمة ممتنعا عند حضور وقته بامتناع مقدمته صح مؤاخذته على ذلك ، هذا.
ولكن يشكل الحال في مسألة فقهية وهي : أنه لو تيقن المكلف قبل دخول وقت الصلاة بعدم وجدان الماء بعده للوضوء فلا يجب عليه الوضوء قبل الوقت على حسب ما أفتى به القوم ، وكذلك أفتوا بعدم وجوب الغسل للصوم في النهار السابق مع القول بوجوبه في الليل ، ومقتضى القاعدة المذكورة الوجوب المضيق في مسألة الوضوء ، والوجوب الموسع في مسألة الغسل ، وحيث إن القاعدة وجدانية عقلية غير قابلة للتخلف فإن ثبت الحكم في هذا الفرع بنص أو إجماع فلا بد من توجيهه على وجه لم يخالف القاعدة.
وهو بأن يقال : إنه إن كان الغرض في الإرادات المشروطة متعلقا بعد حصول الشرط بصرف الوجود من غير تقييد بالقدرة في زمان مخصوص فصارت القدرة شرطا عقليا ، فالعقل حاكم بأن القدرة في زمان ولو كان قبل الشرط مع العلم بحصوله كافية في صحة المؤاخذة لو ترك المقدمة في هذا الزمان فصارت ممتنعا بعده وإن كان لا يصح تكليفه بها بعد الامتناع.
لكن لو اعتبر الشارع القدرة الخاصة بأن كان غرضه مقيدا بالقدرة في زمان خاص ، فلازم ذلك أنه لو سلبت هذه القدرة ولو باختيار المكلف لم يلزم فوت
पृष्ठ 140