والفرق الأساسي بين ما هي أصول الدين من جهة؛ وبين ما هي فروع الدين من جهة أخرى.
أصول الدين تمثل مجموعة من العلوم التي تعطي الفرد تفسيرا للواقع الموجود، ومن ثم تحدد له هدفا من الحياة، مستخلصا من هذا الواقع، ومبنيا عليه. ولذلك ممكن أن نقسمها إلى نوعين من المسائل:
1. مسائل تكشف الواقع الذي نعيشه كما هو؛ فنعرف أننا من الله وإلى الله: فنعرف أن الله تعالى هو خالقنا وبارئنا، ومصيرنا إليه؛ ونعرف أن هذه الحياة ما هي إلا مرحلة قصيرة جدا من مراحل حياتنا، بعدها سننتقل إلى دار أخرى، لنحيا في نعيم مقيم، أو في عذاب دائم؛ نسأله الرحمة والسلامة. نعرف أنه تعالى لم يترك خلقه هملا، فهو يرسل الرسل، ويوظف الملائكة، ويدبر الأمور في هذا الكون. نعرف ما هي صفات هذا الخالق؛ فنعرف أنه تعالى قادر عالم حي، واحد أحد، عدل حكيم، ليس كمثله شيء.
نعرف موقعنا من الله تعالى؛ فنعرف أننا متعلقون به وجودا وبقاء، وأننا ضمن قدرته وعلمه، لا نعجزه، ولا نفوته، ولا نهرب من ملكه، ولا يخفى عليه أمر من أمورنا.
2. فإذا عرفنا ذلك فإننا سنخرج بنتيجة مفادها أن الواجب علينا هو الإقرار بذلك، والخضوع له تعالى لقدرته علينا، وشكره لنعمه علينا. كما إن علينا أن نعرفه جل جلاله معرفة تسبيح وتقديس وتحميد.
فالمسائل الأولى بينت لنا الواقع كما هو، والمسائل الثانية حددت لنا الهدف من مسيرنا في هذه الحياة.
أما مسائل فروع الدين، فهي تبين لنا الطريق الذي علينا سلوكه لكي نصل إلى أهدافنا التي حددتها أصول الدين، بحيث ننسجم مع رؤيتنا للحياة. ذلك لأن سلوكنا اليومي يختلف باختلاف الهدف الذي نعيش من أجله. أيضا تبين لنا فروع الدين بعض الضوابط التي علينا الالتزام بها للوصول إلى الهدف المطلوب.
وهذه المسائل الفرعية نعلمها من طريقين:
पृष्ठ 6