(1) تأسيس
لعل أجمل كواكب المجموعة الشمسية التسعة في رؤية الإنسان القديم، كان هو ذاك الكوكب اللامع الذي عادة ما يظهر مع مشرق الشمس ومغربها؛ مما حدا بالإنسان القديم إلى الاهتمام بأمره ومراقبته، حتى أطلق عليه «كوكب الحسن»، وكما تغنت الأشعار والأساطير بالقمر، فقد تغنت بالزهرة أيضا، حتى حفت بهما الأساطير من كل لون، ولم يكن يخطر بالبال آنذاك أنه سيأتي اليوم الذي ينتزع فيه العلم الحديث عن مثل هذه الكواكب تلك الهالة العظمى من الجمال والتبجيل، حتى أصبح من فساد الذوق وصفها بالجمال.
وقد كان للرافديين القدماء، وبخاصة البابليين، باع واهتمام خاص بعلم الفلك، ووصلت اكتشافاتهم إلى رصد ومعرفة أحوال خمسة من كواكب المجموعة الشمسية السيارة التسعة، هي «عطارد، الزهرة، المريخ، المشتري، زحل»، ثم أضافوا إليهم النيرين الكبيرين «الشمس والقمر» ليصبحوا سبعة،
1
ليصبح الرقم «7» من يومها رقما مقدسا، إذ إنهم جمعوا بين علومهم وبين عقائدهم الدينية، حتى إن المعابد كانت دور عبادة وعلم، كما كانت في الوقت نفسه مراصد فلكية،
2
وكانت المعبودات في هذه الدور هي أجرام السماء وأفلاكها، وعلى رأسها هذه الأجرام والكواكب السبعة.
ويبدو لنا مما جاء في اللوح الخامس من أسطورة الخلق البابلية: «أن النجوم هي صورة الآلهة ... هي رموزها»،
3
إن العقل البشري إبان تطوره ارتفع نحو مزيد من التجريد لآلهته، فتمثل لها رموزا في السماء، جاعلا لكل إله من آلهته رمزا يتمثل في نجم أو كوكب أو مجموعة أجرام، لكن أعظم هذه الآلهة شأنا تلك التي رمزوا لها بالمجموعة «7» سالفة الذكر، ومن بين هذه السبعة المقدسات كان لعبادة كوكب الزهرة بالذات مكان ومكانة، وأثر بعيد امتد في مده الزمكاني، أو المكاني والزماني، حتى دخل في صلب عقائد ما زال يعتقدها الإنسان في قرنه العشرين! (2) الزهرة بين الأرض والسماء
अज्ञात पृष्ठ