44
هذا وقد جمع «الجزائري» ما ورد عن النبي نوح (عليه السلام) في موجز لطيف، يصف فيه حجم السفينة بقوله: «فقدر طولها في الأرض ألف ومائتا ذراع، وعرضها ثمانمائة ذراع، وطولها في السماء ثمانون ذراعا ...» وعندما ركب نوح (عليه السلام) السفينة ومن معه «ضربتها الأمواج حتى وافت مكة وطافت في البيت، وغرق جميع الدنيا إلا موضع البيت، وإنما سمي البيت العتيق لأنه أعتق من الغرق، فبقي الماء ينصب من السماء أربعين صباحا، ومن الأرض العيون، حتى ارتفعت السفينة فمست السماء، فرفع نوح يده وقال: يا رهمان أنفر، وتفسيرها يا رب أحسن، فأمر الله الأرض أن تبلع ماءها ... واستوت السفينة على جبل الجودي وهو جبل بالموصل، جبل عظيم ... ويروى عن أبي عبد الله ... أن مدة لبثهم في السفينة سبعة أيام ولياليها ...» ثم يروي عن وهب مسندا أن الله أوحى لنوح حين هبط من السفينة: «يا نوح إني خلقت خلقي لعبادتي، وأمرتهم بطاعتي، وقد عصوني وعبدوا غيري، واستوجبوا بذلك غضبي فغرقتهم، وإني قد جعلت قوسي أمانا لعبادي وبلادي، وموثقا مني بيني وبين خلقي، يأمنون به إلى يوم القيامة من الغرق، ومن أوفى بعهدي مني؟ ففرح نوح (عليه السلام) واستبشر، وكانت القوس فيها سهم ووتر، فنزع الله عز وجل السهم والوتر من القوس، وجعلها أمانا لعباده لا تقولوا قوس قزح فإن قزح اسم الشيطان، ولكن قولوا قوس الله، وإن هذه المجرة التي في السماء ويسمونها مجرة الكبش، موضع انفطار السماء للماء.»
وقد أشار «ابن كثير» بدوره للقربان الذي رفعه نوح (عليه السلام) لله، وللقوس علامة العهد في قوله: «إن الله كلم نوحا قائلا له: اخرج من الفلك أنت وامرأتك وبنوك ونساء بنيك معك، وجميع الدواب التي معك، ولينموا وليكثروا في الأرض، فخرجوا وابتنى نوح مذبحا لله عز وجل، وأخذ من جميع الدواب الحلال، والطير الحلال، فذبحها قربانا إلى الله عز وجل، وعهد الله إليه أن لا يعيد الطوفان على أهل الأرض، وجعل تذكارا لميثاقه إليه: القوس الذي في الغمام وهو قوس قزح.»
45
أما العجيب، فهو ما جاء عند «الجزائري» يحمل حفريات من عقائد أهل الشام والرافدين القديمة، فيقول: «عن الصادق ... قال: يوم النيروز هو اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح عليه السلام على الجودي.»
46
والنيروز كما هو معلوم عيد الربيع والخصب القديم، حيث كانت منطقة الرافدين والشام تدين بعبادة عدد من آلهة الخصب والزرع والمطر منذ فجر التاريخ، مثل الإله «حداد» إله الصواعق والبرق والأمطار، والإلهة «بارات» إلهة «بيروت» الفينيقية، وكانت الوجه الآخر لعملة «عشتار» الرافدية، التي حملها معهم الفينيقيون لتبارك رحلاتهم البحرية عبر جبل طارق، فأعطت للجزر البريطانية اسمها، وكان رمزها الأول هو الصليب، نجده منقوشا على عرشها، أو تمسكه - في مصوراتها - بيدها، علما أن الصليب كان الاصطلاح السومري الدال على الخصب،
47
كما حملت اسم «ستيلا ماريا» أو «ستلا ماري» أي كوكب البحر،
48
अज्ञात पृष्ठ