فترجل عمر ورجاله ودخلوا دائرة بيت المقدس * ولم يلبث أن بزغ الفجر، فصلوا فيها صلاة الفجر. *
وما كاد عمر يصلي صلاة الفجر حتى قيل له: إن رجلا من أعيان الإسرائيليين قد وفد من أحد بلدان فلسطين يريد لقاء الإمام * ثم أدخل عليه كعب الأحبار * فسلم كعب * فرد عمر السلام، وقال له: «من أنت؟» فأجاب الرجل: «أنا كعب الأحبار، وإنني جئت أريد الإسلام، والدخول فيه.» * فقال عمر: «أحقا ما تقول يا كعب؟» قال: «الله يسمع ما أقول، ويعلم ما تخفي الصدور. لكن يا أمير المؤمنين هل ورد في كتابكم الذي أنزل عليكم في أمر دينكم ذكر إبراهيم؟» فقال عمر: نعم، وقرأ له الآيات التي ذكر فيها إبراهيم. منها:
أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون
فأسلم حينئذ كعب وفرح المسلمون بإسلامه. *
أما أبو أستير فإنه اضطرب لإسلام كعب، وقال في نفسه: إننا لا نستفيد شيئا إذا كانت أمتنا ستضيع في الإسلام كما تضيع جرة ماء في البحر، وهيكلنا سينتقل من يد عدو قديم إلى يد عدو جديد.
ولما أشرقت الشمس سأل عمر عن «بيت المقدس»
2
وذهب إليه مع كعب الأحبار وجمهور المسلمين، وفي دخوله إلى ذلك المكان قال: «ارقبوا لي كعبا» * ثم قال: «أيها الناس اصنعوا كما أصنع» *، وبعد ذلك جثا الإمام على تراب الأرض، وأخذ فرجا من فروج قبائه، ووضع فيه التراب لينقله، ويكشف عن آثار المكان * وإذا به يسمع تكبير أصحابه وراءه * فقال: ما هذا؟ فقالوا: كبر كعب وكبر الناس بتكبيره * فطلب كعبا فأتي به فسأله عن سبب تكبيره. فأجاب أن أحد أنبياء بني إسرائيل تنبأ منذ عدة قرون بما يفعله الأمير الآن من إكرام هذا المكان بعد إهانته، وكان عمر قد قصد بكشف التراب تخطيط جامع هناك فوق الصخرة
3
وهو المعروف اليوم بجامعه * فسأل كعبا: «أين ترى أن نجعل المصلى؟» فأجاب كعب «إلى الصخرة» فقال عمر: «ضاهيت والله اليهودية يا كعب، وقد رأيتك وخلعك نعليك؟» فأجاب: «أحببت أن أباشره بقدمي» فقال عمر: قد رأيتك. بل نجعل قبلته صدره كما جعل رسول الله
अज्ञात पृष्ठ