وهو بالضبط ما كان يتوقعه حجاج، وظل يتوقعه.
ولكنه الشيء الذي لم يحدث.
والذي ظل حجاج يضرب أخماسا في أسداس، متسائلا عن سبب عدم حدوثه، وأنى لحجاج أن يعرف أن العلة في القلة.
وأنها شربة ماء كانت، ولكنها هي نفس الشربة، التي لولاها ما كان قد أصبح هكذا تائه الليل، في طريقه إلى «أنيس أفندي»، عبر قنوات وطرق غير ممهدة إلى مريوط، والليل قد خلا، وسجى، ولا ندم، وكذلك لا فخر، وما حدث حدث، ولا بد أن يحدث، بل حتى هناك في هذه الوقفة، ما يستحق الفخر، رغم أن فيها وسبقها ما يستحق كل خجل.
الثورة محدودة، وحين ثار، كعادته حين كان يثور أيام الخواجة، ويتلقى الخواجة الجانب الموضوعي من ثورته، ولا تهمه الطريقة، بل أحيانا كان يستحسنها، كانت الثورة تأتي بنتيجة وفي الحال.
هذه المرة ثار؛ فقد أمره حسن بك بتقليم العنب، والتقليم الآن معناه أن يقتله قتلا، ولكنه الأمر! وقد تعود أن يرضخ. هذه المرة صمم تماما أن يقول: لا، ولكنه لسان حسن بك خرج ولم يعد، خرج طويلا سافلا، يلعن آباءه وأجداده! احتج نصف احتجاج؛ فبنصف عقله الآخر كان يحسبها، فإذا استمر في الأمر فالفصل مصيره، والفصل يعني أن يبحث ليس فقط عن عمل آخر، وإنما - وهذا هو الأدهى والأمر - عن سكن آخر، فالسكن لمن صناعتهم الزراعة تبع العمل، ويعني أن يلف البلد كلها طولا وعرضا، يبحث عن زملائه من نظار الجناين ومآميرها ومديريها، وعن وظيفة ولو وظيفة خولي؛ بشرط أن يجد المأوى في بيت، ولو في حجرة! وهنا سكت نصفه الموافق، وأوقف نصفه الثائر وقلم العنب، ومات العنب!
ومن بركان سفلي بشع، خرج غضب حسن بك: يا حمار. هكذا عيني عينك قالها! - لماذا قلمت العنب؟ - ولكن هذه أوامرك. - ومن قال لك أن تطيع أوامري؟ - سعادتك الذي قلت: كذا يعني كذا. - ولماذا لم تعارض إلى النهاية؟ لقد كنت أنا أفكر في التراجع إذا وصلت أنت المعارضة، ولكنك وافقت.
لماذا يعرف الخطأ ولا يقول لا، ويظل يقولها حتى لو قامت القيامة؟!
والنتيجة: أنت مرفوت! ابحث لك عن عمل. - ولكن أولادي، أنا لا بيت لي، لا بد أن أذهب أبحث عن بيت وعمل، وأنتقل إليهما. - من الغد عفشك بره، وأنت مرفوت! وإذا بقيت لحظه سأسلخ جلدك، وخذ.
ورمى إليه بعشرين جنيها قيمة «المكافأة».
अज्ञात पृष्ठ