وأما الحيلة في صيد الغزال بغير آلة، فيؤخذ قطران يجعل في ماء في إناء كبير، ولو كان جلد هيئة نطع يوضع على حفرة، ويجعل الماء الذي فيه القطران فيها، كما فعل العرب عند الأثماد للسقي، فمن شرب من ذلك الماء من الغزلان فيسقط فيبادر إليه بالذبح وهو مجرب عند العرب المجربين. وقد تخيلت لو خلط القطران بالقمح أو الشعير وأكله الغزال فربما فعل ذلك والله أعلم.
ومما يستعين به المتصيد ويتحفظ به في البرية إذا نزل ونام فليخط بإصبعه في الأرض في الجهة القبلية يس والقرآن، وفي الجهة الشرقية ص والقرآن، وفي الجهة البحرية ق والقرآن، وفي الجهة الغربية ن والقلم والله من ورائهم محيط إلى آخر السورة.
ومما يصلح للمتصيد أن يفعله عند خروجه إلى الصيد أن يستخبر الله تعالى قبل كل شيء قبل خروجه بصلاة الاستخارة بصلاة ٥٣ بالركعتين ودعاء الاستخارة وهو مشهور صح عن النبي ﷺ فعله وتعليمه، ولا بأس أن تختار من الساعات التي خلقها الله ﷿ وهي الساعة الثانية والسادسة من يوم الأحد، يوم الاثنين: السابعة والعاشرة، يوم الثلاثاء: السابعة، يوم الأربعاء: عند الشروق، يوم الخميس: بعد طلوع الشمس، يوم الجمعة: الأولى والثانية والخامسة والسادسة والحادية عشر، يوم السبت: الرابعة والسابعة، ذلك تقدير العزيز العليم.
ومما يستعين به المتغرب في صيده إذا اختشى الاحتلام خصوصًا في الشتاء أو في عدم الماء قالوا: أن تكتب في داخل فخذه اليمن هذه الحروف ع م أ.
وأخبرني العبد الصالح الفاضل محمد الشامي، حفظه الله: أنه جرب إذا كتب على الذكر بالتريق هذه الأحرف ود آر ر.
قال محمد بن منكلي: الصحيح عندنا أن طبع هذه الحروف كلها رطبة ما خلا الألف، وإن الألف قد صار طبعها رطبًا كأولئك، وهذا لا نزاع فيه عند أهل التبصرة، وقد توهم أن طبعها غير ذلك وغلطوا وأقول، كما قيل لكنهم باحوا فزدت تكتمًا.
ومما ينفع المتغرب في طلب الصيد البري أو البحري أن يكون معه صمغ شجر السماق، فإنه يلصق الجراحات الطرية بدمها، وهو عجيب في ذلك، فإن لم يوجد هذا الصمغ وإلا فليستصحب ذرورًا مركبة جزء وعفص أخضر زاج أربعة أجزاء، يماني ثمن جزء يسحق الجميع ثم ينخل من خرقة ويدخر، فإذا احتيج إليه ذر منه على الجرح، فإنه جيد إن شاء الله تعالى.
وهو نافع لعقر الفرس إذا كان العقر طريًا.
وأيضًا صمغ الجوز نافع إذا ذر على الجراحات منع انبعاث الدم ويسمى باليونانية سادوران. ويصبغ به العود وماء الورد عوضًا عن المسك فيغشون به العطارين، وكان الأولى في ذكر هذه المنافع أن تكون أول الكتاب في باب آداب المتصيد. لكن الوحدة وعدم المساعد أوجب ذلك والفقير يعتذر في ذلك لكل سيد فاضل مالك. والحمد لله على الوحدة من عدم القرين السوء، وهي من أجل النعم وأسناها.
وهذا آخر ما انتهى غليه الوارد، وهو إن شاء الله تعالى أشرف المقاصد.
كتبه مؤلفه العبد الفقير إلى الله تعالى محمد بن منكلي غفر الله له ولوالديه ولأصحاب الحقوق عليه وذلك لأجل من يقال فيه:
ولازالت الأمة في شكره قاضية دين ... وإحسانه متجددًا أبدًا على الجديدين
فالله تعالى يديم بهجة الدنيا بامتداد ظله ... ويلهم أهلها ما يستوجبون به سبوغ عدله
فرغ من كتابة هذا الكتاب المبارك نصف شهر صفر الخير عام ثلاث وسبعين وسبع مائة أحسن الله تقضيها بخير آمين، وصلى الله على سيد الأوائل والأواخر سيدنا محمد المؤرخ بهجرته المختتم بدعوته وعلى آله وعترته وحسبنا الله ونعم الوكيل.
وكان الفراغ من تعليق هذا الكتاب المبارك من خط مؤلفه يوم الأربعاء الرابع عشر من شهر رمضان المعظم سنة ثلاثة وعشرين وتسعمائة، أحسن الله عاقبتها بخير آمين.
غفر الله تعالى لكاتبه وللناظرين فيه وللمترحم عليه.
1 / 55