وجدول بين حديقتين ... مطّردٍ مثل حسام القينِ
كسوته واسعة القطرين ... تنظر في الماء بألفِ عينِ
وأما القالة: فهي من جملة آلة الصيد، وهي لا تعرف إلا في بلاد العراق، وهي مثل الكف، منها ما يكون أربعة وثلاثة، وهي حديد، كل إصبع وحده، وبجمع الجميع الكف في كل إصبع منها مثل الكلاب خارج، بحيث إذا ضرب بها شيء لا يخرج منها، وهي التي ذكرها أبو فراس ابن حمدان في قصيدته الشهيرة بالطردية المشهورة بالصيد والطرد، يذكر فيها القالة حين عاين الأرنب في مرقدها، وهي بيتان لقصيده:
ثم أخذتُ عقب قالة كانت معي ... ودورت دورين ولم أوسّع
وقال:
حتى تمكنتُ ولم أخطر الكلب ... لكلّ حتفٍ سبب من السببِ
وهذ تصلح أن تكون مع جميع الصيادين لصيد لسمك وغير السمك، وتكون لمن يصيد الغزال بالليل.
الدالوية: وهو صيد الجلجل والسراج يكون في راس قناة مع غلام لهذا الفن يصاد بها في المخايل الأرنب والغزال والطير جميعه ما دق وما جلّ ومن البر ومن البحر، والدالوية هي الجلجل، قد تفردت به بلاد إربل وشهرزور وبلاد الموصل، قال ذلك الأستاذ.
أما الأرنب: فإنها إذا وجدت راقدة، والغزال أيضًا إذا وجد نائمًا، ولطير الماء إذا كسره البازي ووقع في الماء ولم يقدر عليه، وكذلك الحجل إذا صار في المكان الضيق من جحر وغيره ويشال أيضًا لها الحوائج إذا سقطت، ولم يوصل إليها.
وأما الدّوا: فهو شجر يعرف بالضيمر، يكون في البرية، وهي شجرة ذات ورد أصفر كثير ولها رائحة كريهة، وهي في الذوق مرة شديدة المرارة، ترفع عن الأرض القامة، وأكثر من القامة، وأكثر ما تكون بين الزرع، وتوجد في المفوز والفلوات، وتكون على الأنهار، وينشد عندها بيتان فيتساقط من شجرتها زهرها، وهي هذه البيتان:
يا نازلًا بالبلد البلقع ... ويا ديار الظاعنين اسمعي
ما هي بأطلالي ولكنها ... ديار أحبابي فنوحي معي
وأما الأستاذ عيسى ﵀ فلم يصحح هذا، وأنكر على من يصدق ذلك واستضعف عقله.
قال محمد بن منكلي: أما الأستاذ فلا يعترض عليه من وجوه، أحدها، إنه قال ذلك شفقة على الصبيان وذوي العقول الناقصة لئلا تعرفهم الشياطين من المتنبلين بمثل ذلك ويخرجونهم من أمر إلى أمر، مثل صبغ ظاهر الآنك بلون الذهب، وصبغ ظاهر الشبه بلون الفضة يخرجونهم من حق إلى باطل.
الأمر الثاني: إن الشيخ في باطن الأمر لا ينكر مثل ذلك.
الثالث: ما الذي ينبني على ذلك، وما الفائدة فيه، فثم أمور يعجز العقل أن يصدقها كما في الخواص.
وأيضًا ثم كلام مؤثر في أسماع الحيوان، مثل ما ذك قبل ذلك في أمر الكروان إذا قيل له أطرق كذا مرارًا فإنه يلتصق في الأرض، حتى يرمي مثل هذا كثير.
حدثني والدي، تغمده الله برحمته: إن في بلاد الترك غذ جاءهم المسمى يك يقرأون "صراط فإنهم ينهزمون والنسوان عندنا إذا سمعوا صوت الوزغ يقولون حمص، فإنه يسكت، ولعل معترض يقول: هذه حيوانات تسمع، فكيف تسمع الشجر، فلا يلتفت لهذا بجواب أصلًا وقد خرج بنا عن المقصود، فنطلب الصدر من كل فتى مقصود وصياد السمك يأخذون ورق هذه الشجرة فتدق، وهي في الشجرة.
فإذا وجدوا الماء الواقف لا مادة له، وفيه اسمك، ولم يقدر عليه بشبكة ولا بترول وأعياه ذلك فينزل إلى الماء، وذلك معه، ولا يزال يضرب به الماء إلى أن يتغير طعم الماء منه، ويحرك ذلك الماء حتى يصل إلى القعر، فإن كل سمكة وصل إليها رائحة ذلك الورق طفت على وجه الماء بحيث أنه لا يبقى على الماء شيء إلا صار ظاهرًا، فيصاد حينئذٍ إما بالشباك وإما بالمقبلان، وهو شيء يكون في راس عود وطوله خمسة أذرع وأكثر وأقل، ويسمى قم خذ صيدك ويسمة الكلاّب ويسمى المغيت والمعين والمشهل وخصم القاضي. ولبعض الصيادين قصيدة مشهورة أنشدت على شرف الدولة، ﵀، بمدينة الموصل، وقد صاد الصياد سمكة كبيرة بالمقبلان وجاء بها بين يديه فأنشده. وأعطاه جائزة، وكان شرف الدولة يهوى بعض سراريه، فأنشد الصياد في ذلك لمعنى، شعرًا:
دقيقة الخصر تحكي الغصن في الحركة ... ريّانة الجسم لكن ردفها تنكه (بتكة)
لما رأت حلقي حتى رأت صلفي ... وحلية المرء قد تثني عن الملكة
وقال يسمى الكلاّب في شعره، وهي قصيدة طويلة:
1 / 53