وأما البطريق والسبر فلأنهما قليل الذكر بين الناس. وأما البطريق فإصلاحه كإصلاح الزمج سواء وإجابته كذلك، وهذا يطعم على الأرنب ويصيد الحبارى والكروان، ويصيد إذا أرضي الغرنوق وهو الكركي، والبطريق ألطف من الزمج كبير إلا أنه جنس مثل الزمج، وهو أبيض وأسود، وهو يشبه الزمج في طيرانه وأفعاله وله في القطا فعل ليس ذلك لسائر الضواري، وهو جنسان لا غير أبيض وأسود.
والأبيض خير من الأسود، وهو يشبه الزمج إلا جناحيه فإنهما طويلان، وهو أطول نفسًا من الزمج وأدون من الشاهين، وإذا طار على الطريدة لا يبصر لشدة طيرانه، وهو يصيد الحبارى والكروان والغرنوق والدّراج والحجل، وهو أوقح الضواري لأنه يأخذ من العقاب اسلب، وكذلك يأخذ من الزمج، ولا يأخذ منه شيئًا سلبًا، ولا يكاد يفارق الطريدة، وأوقح هذين الجنسين الأبيض، وكثير من الناس تعجز أن تضريه، وهو شكيس الأخلاق يتعب الحمال كثيرًا، ولعله إذا حمل عند قدومه من عند الصياد لا يقعد على اليد، ويتدلى ويبقى ذلك دأبه يومين وثلاثة، وينبغي لحامله أن يدعه على الأرض، ويكثر عليه الكلام ولا يخشى عليه إذا لم يأكل، فإنه يبقى اليومين والخمسة والعشرة وأقل وأكثر، فإذا اعتاد أن يأكل وهو في الأرض، فإنه يأمن إلى أ، يقعد على اليد، فحينئذٍ يحمل في الأسواق على اليد، ولا تفتح عينيه إلى أن يصير له عشرون يومًا، وإذا ما تريض صاد الأرنب والثعلب لا يرجع عن طريدة ولا يخاف مكيدة.
باب ذكر النّصّ
اعلم أرشدك الله للصواب: إن النص أشبه الضواري بالصقر في المطار والجنس، ويسمى في بلاد العراق البذحان، ويسمى في الموصل فرخ البذحان، ويسمى في ديار بكر وحرّان والرها السافد وفي مواضع أخرى أبو الريح. وفي الشام ومصر النص، وهو أجناس كأجناس الصقور، فيه الأسود والأبيض والأحمر والأصفر والأخضر، وفيها أيضًا ما يسمى بلغة الكواخين الأطلس، وذلك أن ظهره وأكتافه يشبه الأطلس أحمر لا يخالطه شيء من نعت الريش كسائر الطير وهو الذكر منها، وهكذا كل ذكور النص إذا تقرنص في البرية يصير أطلسًا. وأما الفرخ فإنه تكون له علامات يعرف بها أنه هو الذكر، وهي صغر رأسه، وسعة عينيه وحمرة أفخاذه، وأحسنها الأسود والأحمر والأصفر، وهو يدعى كما تدعى الصقور وإن كانا اثنين، فيستحب أن يكون أسود وأبيض وأحمر وأصفر، وتلعب بها الصبيان في بلاد العراق كثيرًا، وهو يصيد السمان والسلوى، ويقال أنه في صعوده ونزوله على الصيد يضحك من رآه، ولا يصلح إلا للصبيان، وما ذكرت من أمره إلا ليحاط به علم.
باب نعت الشقوف
هو من طبع الباز، أصفر العين، طويل الرجلين، واسع الكف، لكنه طويل الذنب، طويل الجناح، والفرخ أحمر الصدر بغير تنقيط إلا أحمر وأصفر، لا يغادره لون آخر وظهره أسود، وهو يدعى كما يدعى البازي إلا أن نفس هذا أطول من البازي، وهو يتبع الطريدة إلى أن يصيدها.
وهكذا أيضًا الآجامي لأنه لا يزال يتصيد في المواضع المقصبة المحدقة بالشجر، ويسمى في العراق الأجم فلهذا سميت آجامي.
والسبر لمن رغب فيه جيد حسن الأخلاق، وله ذكر يقال له الخاطف، وسمي بهذا الاسم لأنه يطير شديدًا ويخطف في طيرانه.
قال محمد بن منكلي: إن الأعاجم ذكروا إن من الضواري أجناسًا معدومة، ولا رؤيت وهي لاشك موجودة في الدنيا، ولها معادن، والله يهدي من يشاء لما يشاء، لا ربّ غيره ولا معبود سواه.
قال محمد بن منكلي: والفقير يذكر ما جاء في التواريخ من الأوليات في من لعب أولًا، وتصيد في كل نوع من الضواري إن شاء الله تعالى، ومنه استمد المعونة بفضله وكرمه.
باب فيه ذكر أول من تصيد بالبازي
1 / 36