تنبيه القارئ
تنبيه القارئ
प्रकाशक
دار العليان للنشر والنسخ والتصوير والتجليد
संस्करण संख्या
الأولى
प्रकाशन वर्ष
١٤١١ هـ - ١٩٩٠ م
प्रकाशक स्थान
بريدة
शैलियों
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
أما بعد / فإن الإنسان بطبعه معرض للخطأ والصواب ولكن ليس على الإنسان ملامة إذا أخطأ بعد الاجتهاد، ولذلك جعل له النبي ﷺ نصيب من الأجر إذا لم يتعمد هذا الخطأ، ثم إن العالِمَ الذي يقوم بتقويم هذه الأخطاء التي يقع بها بعض العلماء ليس قصده العالم بعينه، وإنما قصده تصحيح الأخطاء والتي وقعت من غير نية له فيها.
وممن وقع بشيء من ذلك العالم العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني حفظه الله تعالى وهي تعد قطرة في بحر في مقابل خدمته للسنة ونشرها كما قاله الشيخ عبد الله رحمه الله تعالى، ولكن لا يمنع من ذلك توضيح أخطاءه لطلاب العلم وتصويبها لهم، وهذه هي طريقة العلماء منذ قديم الدهر وحديثه، والسير في ذلك واضحة وجلية بذكر أمثال ذلك، ولم يؤثر التنبيه على محبة بعضهم لبعض بل زادت مقتدين بالخليفة الراشد عمر بن الخطاب ﵁: رحم الله امرأً أهدى إلينا عيوبنا. وإننا بهذا نقدم لطلاب العلم وبالأخص رواد الحديث كتاب (تنبيه القارئ على تقوية ما ضعفه الألباني) وهو يشتمل على قسمين القسم الأول على التقوية، وتشتمل على
- أ -
مقدمة / 5
(٢٩٤) حديث تنقسم إلى ثلاثة أقسام.
القسم الأول: الأحاديث التي صححها الشيخ عبد الله ﵀ مثل رقم ١، ٢ الخ وعددها ما يقارب (١٠٥) أحاديث أي أكثر من ثلث هذا القسم.
القسم الثاني: الأحاديث التي قال الشيخ: لم أقف على سندها مثل رقم ١٣ - ١٥ وعددها (١٤) حديث.
القسم الثالث: الأحاديث التي ضعفها الشيخ ناصر في موضع وصححها في عدة مواضع مثل رقم ٢١ - ٢٣، وعددها حوالي (١٧٥) حديث.
وقصد الشيخ عبد الله ﵀ في التنبيه عليه أن الحديث صحيح أو حسن في طرقه المتعددة أو بشواهده كما في حديث رقم (٧) وغيره من الأحاديث التي ستمر بك إن شاء الله تعالى وسيمر بك بعض الأحاديث التي أخرج أصولها البخاري ومسلم كما في حديث رقم (٥) وحديث رقم (٣٩) .
بل أن فيه أحاديث عزاه في بعض كتبه للبخاري ومسلم رحمهما الله تعالى وهو مع ذلك قد ضعفها في مواضع أُخر فجل من لا ينسى كما في حديث رقم (٥٣) إلى غير ذلك من الملاحظات التي ستطلع عليها إن شاء الله.
أما القسم الثاني وهو يمثل الأحاديث التي حكم عليها الشيخ ناصر وفقه الله بالصحة مع تضعيفه لها في مواضع أُخر بسبب أحد الرواة. ويشتمل هذا القسم ثلاثة عشر حديثًا، وتشتمل على قسمين القسم
- ب -
مقدمة / 6
الأول الأحاديث التي ضعفها الشيخ عبد الله وهي بالأرقام الآتية (١، ٣، ٧، ٨) .
القسم الثاني التي ضعفها الشيخ ناصر بسبب أحد الرواة أو بأي علة أخرى وهي تحمل الأرقام:
٢، ٤، ٥، ٦، ٧، ٩، ١٠، ١١، ١٢، ١٣.
ولم يسم الشيخ عبد الله رحمه الله تعالى هذا القسم لأن الميتة عاجلته دون إتمام ما يريد. فرأيت موافقة تسمية القسم الثاني بالقسم الأول وهو (تنبيه القارئ لتضعيف ما قواه الألباني) .
وليعلم القارئ أني اجترأت على وضع تعليق على الكتاب وليس هذا باختياري ولكن الظروف جعلتني أفعل هذا حيث أن الشيخ ناصر وفقه الله في مشاريعه العلمية كل يوم يخرج منها جديد، فرأيت لزام عليَّ أن أتتبع كتب فضيلته وأقيد ما تحصل به الفائدة للقارئ علمًا أن فيه كتب خرجت بعضها في أواخر حياة الشيخ عبد الله رحمه الله تعالى وبعضها بعد وفاته وهي صحيح السنن الثلاثة وتمام المنة وآداب الزفاف بطبعته الجديدة.
وإليك هذا (التنبيه) .
حديث (لا يزال الله مقبلًا على العبد وهو في صلاته) بهذا الكتاب (برقم ٢٨٥) قد ضعفه الشيخ ناصر في المشكاة وفي تمام المنة في أصل الكتاب؛ لأن الشيخ عبد الله رحمه الله تعالى قد أطلع على مخطوطة الكتاب. فيما أعلم والطبعة الأولى ولكن يلاحظ رجوع الشيخ ناصر في الطبعة الثانية (بـ ص ٢٩٢) فذكره الشيخ عبد الله بالتضعيف.
- جـ -
مقدمة / 7
ثم إن الشيخ عبد الله رحمه الله تعالى لم يكمل ما أبتدئ به في كل القسمين وإنما حالت الميتة دون ما أراد ولذلك يلاحظ القارئ عدم ختم الكتاب في آخره. وقد أرسل الشيخ عبد الله ﵀ صورة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ﵀ قسم من الكتاب فاطلع عليه سماحته وشكره على ما ابتدئ به. وانتقل الشيخ عبد الله إلى رحمة الله ولم يطلع على كتاب سماحته فدفعه ليَ سماحة الشيخ عبد العزيز فأثبته على الأصل كما سترى صورته إن شاء الله. وقد وضعت فهارس على الحروف الأبجدية لأوائل الأحاديث في آخر الكتاب: وفق الله الجميع للصواب ورزقنا البصيرة في الدين والرجوع إلى الحق بعد المعرفة والاهتداء إليه، وغفر الله للشيخ عبد الله على ما أفاد به طلاب العلم، ووفق الله الشيخ ناصر للاهتداء للصواب. وغفر الله لنا ولجميع المسلمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
تنبيه: أرسل فضيلة الشيخ عبد الله رحمه الله تعالى للشيخ ناصر صورة من عمله وتشتمل على قرابة ٩٢ حديث وتوقف لانتظار الجواب ولم يأت بعد.
عبد العزيز بن أحمد بن محمد المشيقح
- د -
مقدمة / 8
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، قيوم السماوات والأرضين، جامع الخلق ليوم الدين، وصلى الله على عبده ورسوله محمد سيد الأولين والآخرين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أصحابه الراكعين الساجدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد فهذه أحاديث وآثار وقفت عليها في مؤلفات الشيخ محمد ناصر الدين الألباني تحتاج إلى تنبيه منها ما ضعفه ولم يتعقبه، ومنها ما ضعفه في موضوع وقواه في موضع آخر، ومنها ما قال فيه: لم أجده، أو لم أقف عليه أو نحوهما، ولما رأيت كثيرًا من الناس يأخذون بقوله بدون بحث نبهت على ما يسرني الله تعالى. فما ضعفه وهو صحيح أو حسن ولم يتعقبه بينته، وما ضعفه في موضع ثم تعقبه ذكرت تضعيفه ثم ذكرت تعقيبه لئلا يقرأه من لا إطلاع له في الموضع الذي ضعفه فيه فيظنه ضعيفًا مطلقًا وليس الأمر على ما ظنه، وربما يقول قائل: إنه يضعف بعض الأحاديث لأجل إسنادٍ معين وإن كان الحديث بمجموع طرقه ليس كذلك. والجواب أن عليه أن ينبه على ذلك لأنه كثيرًا ما يفعل مثل ذلك كقوله في الجزء الثالث من ضعيف الجامع (ص ٢٧٤) لما ذكر حديث صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاة الرجل وحده أربعًا وعشرين أو خمسًا وعشرين درجة (٥ - عن أبي:
ضعيف ... صحيح أبو داود
ثم بين مراده في الحاشية فقال: هذا الحديث صحيح دون قوله:
1 / 1
" أربعًا وعشرين» . ولذلك أوردته في الصحيح (جـ٦ - ص ٣٧) أيضًا دون هذه الزيادة لما له من الشواهد المذكورة هناك، فإذا أورد شيئًا مثل هذا الحديث ولم ينبه عليه احتاج إلى التنبيه عليه لئلا يقول قائل: لو لم يكن كذلك لنبه عليه كما نبه على ما يشابهه.
وما قال فيه: لم أجده. نبهت عليه وعزوته إلى من رواه. وهذا النوع قد يكون صحيحًا وقد يكون حسنًا وقد يكون ضعيفًا. وفائدة التنبيه عليه لئلا يظن أحد أنه ليس موجودًا في كتب الحديث ثم ليعلم أن بعض مؤلفاته لم تنتشر فقد يكون فيها تعقب لبعض ما ضعفه فمن اطلع على شيء ينافي ما ذكرته فلينبهني عليه جزاه الله خيرًا ومع هذا فالتعقب عليه لا بد منه لأنه إن لم يصححه مطلقًا فواضح وإن ضعفه في موضع وصححه في آخر كما تقدم التنبيه عليه.
وسميته (تنبيه القارئ على تقوية ما ضعفه الألباني) وأسأل الله العلي العظيم رب العرش الكريم أن يجعله خالصًا لوجهه الكريم وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه إنه ولي ذلك والقادر عليه. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
١- وعن جابر عن النبي ﷺ قَالَ:: «إِذَا أُدْخِلَ الْمَيِّتُ الْقَبْرَ مثلت له الشمس عند غروبها فيجلس يمسح عينيه ويقول: دعوني أصلي» . رواه ابن ماجة. قال في تخريج المشكاة إسناده محتمل للتحسين (جـ ١ص ٥٠) . انتهى.
أقول: لكن الحديث صحيح. قال البوصيري في الزوائد (٤/٢٥٢): هذا إسناد حسن إن كان أبو سفيان واسمه طلحة بن نافع سمع من جابر بن عبد الله. وإسماعيل بن حفص مختلف فيه. أ. هـ.
قلت: ورد له شاهد بإسناد حسن. قال ابن جرير في تفسيره (١٢/١٤٢): حدثنا مجاهد بن موسى والحسن بن محمد قالا ثنا يزيد أنبأنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة ﵁ عن
1 / 2
النبي قال ... فذكر الحديث إلى أن قال فيقال له: اجلس فيجلس قد مثلت له الشمس قد دنت للغروب فيقال له: أخبرنا عما نسألك فيقول: دعني حتى أصلي فيقال له: إنك ستفعل فذكر الحديث.
وهذا الإسناد رجاله ثقات، وفي محمد بن عمرو كلام يسير لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن فإذا انضم إلى حديث جابر صار صحيحًا والله أعلم.
وقد صححه المؤلف في تخريج كتاب السنة (٢: ٤٢٠) وحسنه في صحيح ابن ماجة برقم (٣٤٤٧/٠٢) .
٢- وعن معاذ الجهني قال: قال رَسُولَ اللَّهِ ﷺ:: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَعَمِلَ بِمَا فِيهِ أُلْبِسَ وَالِدَاهُ تَاجًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ضَوْءُهُ أَحْسَنُ مِنْ ضَوْءِ الشَّمْسِ فِي بُيُوتِ الدُّنْيَا، لَوْ كَانَتْ فِيكُمْ فَمَا ظَنُّكُمْ بِالَّذِي عَمِلَ بِهَذَا» . رواه أحمد وأبو داود.
قال في تخريج أحاديث المشكاة: إسناده ضعيف (جـ ١ ص ٦٦٠) . انتهى.
أقول: ليس الأمر كما قال: بل حسن أو صحيح. ولعله لم يطلع على ما يشهد له وقد ورد ما يشهد له ويقويه من حديث بريدة قال: الإمام أحمد حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ ثَنَا بَشِيرُ بْنُ الْمُهَاجِرِ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:: «يَلْقَى الْقُرْآنَ صَاحِبَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِينَ يَنْشَقُّ عَنْهُ قَبْرُهُ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ فَيَقُولُ لَهُ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ فَيَقُولُ: مَا أَعْرِفُكَ؟ فَيَقُولُ: أَنَا صَاحِبُكَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَظْمَأْتُكَ فِي الْهَوَاجِرِ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ وَإِنَّكَ الْيَوْمَ وَرَاءِ كُلِّ تِجَارَةٍ. فَيُعْطَى الْمُلْكَ بِيَمِينِهِ وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَيْنِ لا يُقَوَّمُ لَهُمَا أَهْلُ الدُّنْيَا فَيَقُولانِ بِمَ كُسِينَا هَذِهِ؟ فَيُقَالُ بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ» . (جـ٥ ص٣٤٨) .
1 / 3
وهذا الإسناد على شرط مسلم فقد خرج لبشير بن مهاجر في صحيحه، ورواه الحاكم وصححه. ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (جـ ٧ ص ١٥٩): رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح وذكر له شواهد من حديث أبي أمامة وأبي هريرة ومعاذ بن جبل. وبالجملة فالحديث أقل أحواله أن يكون حسنًا والقول بصحته ليس ببعيد والله أعلم (١) .
٣- وعَنْ مَحْمُودَ بْنَ لَبِيدٍ قَالَ: أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا. فَقَامَ غَضْبَان ثُمَّ قَالَ: «أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ ﷿ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ» . حَتَّى قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلا أَقْتُلُهُ) . رواه النسائي.
قال في تخريج المشكاة (جـ ٢ ص ٩٨٠): ورجاله ثقات لكنه من رواية مخرمة عن أبيه ولم يسمع منه. وقال في ضعيف الجامع (جـ ٢ ص ٢٥٢): ضعيف. انتهى.
أقول: الحديث قواه غير واحد من العلماء ولم يروا هذا التعليل قادحًا فيه. قال العلامة ابن القيم في زاد المعاد (٢) (جـ ٤ ص ٥٢) لما ذكر الحديث: إسناده على شرط مسلم فإن ابن وهب: قد رواه عن مخرمة بن بكير بن الأشج عن أبيه قال سمعت محمود بن لبيد فذكره ومخرمة ثقة بلا شك وقد احتج مسلم في «صحيحه» بحديثه عن أبيه. والذين أعلوه قالوا: لم يسمع منه وإنما هو كتاب. قال أبو طالب: سألت أحمد بن حنبل عن مخرمة بن بكير فقال: هو ثقة ولم يسمع من أبيه، إنما هو كتاب مخرمة فنظر فيه كل شيء يقول بلغني عن سليمان بن يسار
_________
(١) قال في صحيح ابن ماجة رقم (٣٧٨١/٢): ضعيف يحتمل التحسين وكذا في التعليق على الطحاوية ص ١٢٦ قال: فمثله يحتمل التحسين.
(٢) وفي الطبعة المحققة (٥/٢٤٢) .
1 / 4
فهو من كتاب مخرمة وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: سمعت يحي بن معين يقول: مخرمة بن بكير وقع إليه كتاب أبيه ولم يسمعه. وقال في رواية عباس الدوري: هو ضعيف وحديثه عن أبيه كتاب ولم يسمعه منه. وقال أبو داود: لم يسمع من أبيه إلا حديثًا واحدًا حديث الوتر. وقال سعيد بن أبي مريم عن خاله موسى بن سلمة: أتيت مخرمة فقلت: حدثك أبوك؟ قال: لم أدرك أبي ولكن هذه كتبه. والجواب عن هذا من وجهين أحدهما: أن كتاب أبيه كان عنده محفوظًا مضبوطًا فلا فرق في قيام الحجة بالحديث بين ما حدثه به أو رآه في كتابه بل الأخذ عن النسخة أحوط إذا تيقن الراوي أنها نسخة الشيخ بعينها وهذه طريقة الصحابة والسلف. وقد كان رسول الله ﷺ يبعث بكتبه إلى الملوك وتقوم عليهم بها الحجة، وكتب كتبه إلى عماله في بلاد الإسلام فعملوا بها واحتجوا بها، ودفع الصديق بكتاب رسول الله ﷺ إلى أنس بن مالك ﵄ فحمله وعملت به الأمة. وكذلك كتابه إلى عمرو بن حزم وكتابه في الصدقات الذي كان عند آل عمر. ولم يزل السلف والخلف يحتجون بكتاب بعضهم إلى البعض. ويقول المكتوب إليه: كتب إليَّ فلان أن فلانًا أخبره.
ولو بطل الاحتجاج بالكتب لم يبق بأيدي الأمة إلا أيسر اليسير؛ فإن الاعتماد إنما هو على النسخ لا على الحفظ. والحفظ خوان والنسخة لا تخون. ولا يحفظ في زمن من الأزمان المتقدمة أن أحدًا من أهل العلم رد الاحتجاج بالكتاب. وقال: لم يشافهني به الكاتب فلا أقبله، بل كلهم مجمعون على قبول الكتاب والعمل به إذا صح عنده أنه كتابه. والجواب الثاني: أن قول من قال: لم يسمع من أبيه معارض بقول من قال: سمع منه ومعه زيادة علم وإثبات. قال عبد الرحمن بن أبي حاتم: سئل أبي عن مخرمة بن بكير فقال: صالح الحديث قال: وقال ابن أبي
1 / 5
ذئب: وجدت في ظهر كتاب مالك سألت مخرمة عما يحدث به عن أبيه سمعها من أبيه فحلف ورب البنية يعني المسجد سمعت من أبي. إلخ كلامه.
وقال الحافظ ابن حجر في التقريب (جـ ٢ ص ٢٣٤): قال علي بن المديني سمع من أبيه قليلًا. وقال: روايته عن أبيه وجادة من كتابه. قاله أحمد بن معين وغيرهما. وقاله الشنقيطي في أضواء البيان (جـ ١ ص ١٦٥) في الكلام على هذا الحديث.
والإعلال الثاني بأن رواية مخرمة عن أبيه وجادة في كتابه فيه أن مسلمًا أخرج في صحيحه عدة أحاديث من رواية مخرمة عن أبيه والمسلمون مجموعون على قبول أحاديث مسلم إلا بموجب صريح يقتضي الرد. قلت: وقد صححه المؤلف في غاية المراد رقم (٢٦١) أ. هـ.
٤- حديث يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب فيقول لصاحبه: أنا الذي أسهرت ليلك وأظمأت نهارك.
قال في ضعيف الجامع (٥ك): ضعيف تخريج الطحاوية (ص ١٢٦) . رواه الدارمي (جـ ٣، ص ٤٥٠)، وابن ماجة (٣٧٨١)، وأحمد (٣٤٨، ٣٥٢)، وابن عدي في الكامل (ص ٣٥ جـ ١)، والحاكم (٢٥٦) من حديث بريدة بن الحصيب مرفوعًا. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم وبيضه الذهبي، وقال البوصيري في الزوائد: (إسناده صحيح) قلت: لا، فإن فيه بشير بن المهاجر وهو صدوق لين الحديث كما قال الحافظ في التقريب، فمثله يحتمل حديثه التحسين، أما التصحيح فهو بعيد. هـ. كلامه في التعليق على شرح الطحاوية.
قلت: بل هو صحيح لأن بشيرًا من رجال مسلم وله شواهد يتقوى بها منها.
1 / 6
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «يجيء القرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب يقول لصاحبه: هل تعرفني؟ أنا الذي كنت أسهر ليلك وأظمئ هواجرك وإن كل تاجر من وراء تجارته وأنا لك اليوم من وراء كل تاجر» . الحديث رواه الطبراني في الأوسط وفيه يحيى بن عبد العزيز الحماني وهو ضعيف قاله في مجمع الزوائد (جـ ٧ ص ١٦٠) . ورواه الترمذي (١)، وابن خزيمة، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي من حديث عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: يجيء صاحب القرآن يوم القيامة فيقول القرآن يا رب حله فيلبس تاج الكرامة ثم يقول: يا رب زده يا رب ارض عنه فيرضى عنه. - الحديث.
ومنها ما رواه البزار عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله ﷺ: «يؤتى برجل يوم القيامة ويمثل له القرآن قد كان يضيع فرائضه ويتعدى حدوده ويخالف طاعته ويركب معاصيه فيقول أي رب حملت آياتي بئس حامل تعدى حدودي وضيع فرائضي وترك طاعتي وركب معصيتي» . الحديث قال الهيثمي في مجمع الزوائد: وفيه ابن إسحاق وهو ثقة ولكنه مدلس وبقية رجاله ثقات.
وقد قال في صحيح ابن ماجة ٢: رقم ٣١٤ ضعيف يحتمل التحسين. قلت: قد مر ما يقوي حسنه.
٥- حديث: «يا أيها الناس إنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا إن الذي تدعونه بينكم وبين أعناق ركابكم» . قال في ضعيف الجامع (جـ ٦ ص ٩٩)، ت عن أبي موسى الأشعري تخريج السنة (٦١٨) صحيح
_________
(١) قال في صحيح الترمذي (جـ٣/ ص١٠): حسن. التعليق الرغيب (٢/٢٠٧) .
1 / 7
أبي داود (١٣٦٥) قال في الحاشية في هذه الصفحة: هو في الصحيح بلفظ آخر فانظره برقم (٧٧٤١) . انتهى.
قلت: وهذا المذكور هنا صحيح كما سكت عليه أبو داود، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
قال أبو داود: حدثنا موسى بن إسماعيل قال ثنا حماد عن ثابت وعلي بن زيد وسعيد الجريري عن أبي عثمان النهدي أن أبا موسى الأشعري قال: كنت مع رسول الله ﷺ فذكر الحديث. ورجاله رجال الصحيحين إلا حماد بن سلمة وهو ثقة خرج له مسلم.
وقال الترمذي حدثنا محمد بن بشار أخبرنا مرحوم بن عبد العزيز العطار أخبرنا أبو نعامة السعدي عن أبي عثمان النهدي عن أبي موسى الأشعري الحديث. وقال: هو بينكم وبين رؤوس رحالكم. أ. هـ انتهى (١) . وأبو نعامة السعدي خرج له مسلم وقال في التقريب: ثقة.
وقد ادعى في تخريج السنة (جـ ١ ص ٢٧٤، ٢٧٥) أنه منكر. وقال لما ذكر لفظ أبي داود وعلي بن زيد: هو ابن جدعان ضعيف لسوء حفظه فالغالب أن هذا اللفظ له، أقول هذا يحتاج إلى دليل وأيضًا فقد ورد بمعناه من وجه آخر كما تقدم في رواية الترمذي. والله أعلم (٢) .
٦- عن ابْن عَبَّاسٍ قَالَ: شَرِبَ رَجُلٌ فَسَكِرَ فَلُقِيَ يَمِيلُ فِي الْفَجِّ فَانْطُلِقَ بِهِ
_________
(١) قد صححه في صحيح الترمذي برقم (٢٧٥٤/٣) .
(٢) ليعلم أنه أصل الحديث أخرجه البخاري رقم / ٢٨٣٠ مكرر وفي مواضع متفرقة / طبعة البغا، وفي مسلم ٢٧٠٤ / بلفظ: «والذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» . من حديث موسى / وقد نبه عليه الشيخ ناصر في تخريج السنة برقم / ٦١٨.
1 / 8
إلى رَسُول اللَّهُ ﷺ فَلَمَّا حَاذَى دَارِ الْعَبَّاسِ انْفَلَتَ فَدَخَلَ عَلَى الْعَبَّاسِ فَالْتَزَمَهُ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ﷺ فَضَحِكَ وَقَالَ: «أَفَعَلَهَا» وَلَمْ يَأْمُرْ فِيهِ بِشَيْءٍ. رواه أبو داود قال في تخريج المشكاة (جـ ٢ ص ١٠٧٥): بإسناد ضعيف فيه عنعنه ابن جريج. انتهى.
قلت: الحديث صحيح. وأما ما أعله به فهو بالنسبة لروايه أبي دواد، وقد صرح ابن جريج بالسماع كما في رواية البيهقي (جـ ٨ ص ٣١٤) . قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (جـ ١٢ ص ٧٢): خرجه أبو داود، والنسائي بسند قوي. والله أعلم.
٧- وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: جَاء رَجُلٌ إلى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ إِنِّي أُحِبُّكَ. قَالَ: «انْظُرْ مَاذ تَقُولُ» فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ. ثَلاثَ مَرَّاتٍ قَالَ: «إِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَأَعِدَّ لِلْفَقْرِ تِجْفَافًا، للفَقْرَ أَسْرَعُ إِلَى مَنْ يُحِبُّنِي مِنْ السَّيْلِ إِلَى مُنْتَهَاهُ» . رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب.
قال في تخريج المشكاة (جـ ٣ ص ١٤٤٥) قلت: وإسناده ضعيف والمتن منكر. انتهى.
أقول: بل هو حسن كما قال الترمذي أو صحيح وله شواهد منها حديث أبي ذر أنه أتى النبي ﷺ فقال: إني أحبكم أهل البيت. فقال له النبي ﷺ: «آلله» قال: «فأعد للفقر تجفافًا» . الحديث رواه الحاكم في مستدركه (جـ ٤ ص ٣٣١) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه ومنه ما رواه الإمام أحمد في مسنده (جـ ٣ ص ٤٢) لأبي سعيد الخدري قال: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثَنَا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ ثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرٌو عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ حَاجَتَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «اصْبِرْ أَبَا سَعِيدٍ فَإِنَّ الْفَقْرَ إِلَى مَنْ يُحِبُّنِي مِنْكُمْ أَسْرَعُ
1 / 9
مِنْ السَّيْلِ عَلَى أَعْلَى الْوَادِي وَمِنْ أَعْلَى الْجَبَلِ إِلَى أَسْفَلِهِ» .
وهذا الحديث قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أنه شبه المرسل. وعن أنس قال: أتى النبي ﷺ رجل فقال: أني أحبك فقال: «استعد للفاقة» . رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير بكر ابن سليم وهو ثقة (جـ ١٠ ص٢٧٤) .
٨- إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين (حم، م) عن أبي هريرة.
ضعيف ... ضعيف أبي داود ٣٤٠ هـ. انتهى.
أقول: كيف يحكم عليه بالضعف وقد رواه مسلم (١) وليس في رواته من هو ضعيف.
قال مسلم في صحيحه حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ ثَنَا أَبُو أُسَامة عَنْ هِشَام عَنْ مُحَمْد عَنْ أبي هريرة عَنْ النبي ﷺ قال: «إِذَا قَامَ أَحَدكم مِنْ اللَّيْلِ فَلْيَفْتَتَحَ صَلاتَهُ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ» .
وهؤلاء كلهم رجال البخاري ومسلم وهشام هو ابن حسان ومحمد هو ابن سيرين وهشام من أثبت الناس في ابن سيرين كما قاله الحافظ في التقريب جـ ٢ ص ٣١٨. وأبو أسامة حماد بن أسامة لا يحتاج إلى البحث عنه، وأبو بكر بن أبي شيبة هو صاحب المصنف وقد صححه المؤلف في إرواء الغليل برقم (٤٥٣/ ٢) .
٩-: " إن الذي يجر ثوبه من الخيلاء في الصلاة ليس من الله في حل ولا حرام» .
_________
(١) برقم (٧٩٨) .
1 / 10
الطيالسي، هق، عن ابن مسعود ضعيف. انتهى. من ضعيف الجامع برقم (١٥٢٦ / ٢) .
وأقول: إسناده صحيح مرفوعًا وموقوفًا قال الطيالسي: حدثنا أبو داود قال ثنا أبو عوانة وثابت أبو يزيد عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عن ابن مسعود رفعه أبو عوانة ولم يرفعه ثابت أنه رأى أعرابيًا عليه شملة قد ذيلها وهو يصلي فقال له: «إن الذي يجر ثوبه من الخيلاء في الصلاة ليس من الله في حل ولا حرام» . انتهى من منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي (جـ ١ ص٣٥٢)، ورجاله رجال الصحيح أثبات ثقات فإن كان الراجح رفعه فلا إشكال، وإن كان موقوفًا فله حكم الرفع لأن مثل هذا لا يقال بالرأي.
١٠- حديث كيف بكم إذا غدا أحدكم في حلة، وراح في حلة، ووضعت بين يديه صحفه ورفعت أخرى، وسترتم بيوتكم كما تستر الكعبة، أنتم اليوم خير منكم يومئذٍ.
(ت) عن علي انتهى من ضعيف الجامع برقم (٤٢٩٨ / ٤) .
ضعيف تخريج المشكاة ٥٣٦٦ (١) . انتهى.
أقول: الحديث قوي لأنه روي من غير وجه، منها ما رواه البزار في مسنده من حديث أبي جحيفة قال: قال رسول الله ﷺ: «إنها ستفتح عليكم الدنيا حتى تنجدوا بيوتكم كما تنجد الكعبة»، قلنا: ونحن على ديننا اليوم؟ قال: «وأنتم على دينكم اليوم»، قلنا: فنحن يومئذٍ خير أم ذلك اليوم؟ قال: «بل أنتم اليوم خير» . قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح غير عبد الجبار بن العباس وهو ثقة (جـ ١٠ ص ٣٢٣)
_________
(١) رقم خمسة ساقط عن النسخة وهي موجودة في المشكاة.
1 / 11
قلت: وهو كما قال فإن عبد الجبار قال فيه ابن حجر في التقريب: صدوق إلا أنه لما رواه عن عون بن أبي جحيفة قال: لا أعلمه إلا عن أبيه.
ومنها ما رواه البزار من طريق مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله قال: نظر رسول الله ﷺ إلى الجوع في وجوه أصحابه فقال: «أبشروا فإنه سيأتي عليكم زمان يغدى على أحدكم بالقصعة من الثريد ويراح عليه بمثلها»، قالوا: يا رسول الله نحن يومئذٍ خير؟ قال: «بل أنتم اليوم خير منكم يومئذٍ» .
قال الهيثمي (جـ ١٠ ص ٣٢٣): إسناده جيد. قلت: فيه نظر إلا إن أراد بشواهده ومنها ما رواه البزار وعمر بن شبه عن أبي حرب بن أبي الأسود عن طلحة البصري قال: كان أحدنا إذ قدم المدينة فكان له عريف نزل على عريفه وإن لم يكن له عريف نزل الصفة، فقدمت المدينة فنزلت الصفة فوافقت رجلين فكان يجري علينا من رسول الله ﷺ كل يوم مد من تمر بين اثنين فنادى رجل من أهل الصفة حين انصرف من صلاته أحرق التمر بطوننا وتخرقت عنا الخنف. والخنف برود شبه اليمانية فقال رسول الله ﷺ: «لو أجد لكم الخبز واللحم لأطعمتكموه، ولكن لعلكم تدركون زمانًا أو من أدركه منكم تغدو على أحدكم وتروح الجفان وتلبسون مثل أستار الكعبة» .
قلت: ورجال عمر بن شبه رجال الصحيح. وقال ابن حجر في الإصابة: رواه أحمد، وابن حبان، والطبراني، والحاكم وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه البزار، والطبراني ورجال البزار رجال الصحيح غير محمد بن عثمان العقيلي وهو ثقة (جـ ١٠ ص ٣٢٣) ومنها ما رواه الطبراني عن عبد الله بن يزيد الخطمي إن رسول الله ﷺ قال: «أنتم اليوم خير أم إذا غدت على أحدكم صحيفة
1 / 12
وراحت أخرى، وغدا في حلة وراح في أخرى وتكسون بيوتكم كما تكسى الكعبة» . فقال رجل: نحن يومئذٍ خير؟ قال: «بل أنتم اليوم خير» .
قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح غير أبي جعفر الخطمي وهو ثقة، وقد صحح بعضه المؤلف في السلسة (٤: ٥٠٥، ٥٠٦) رقم (١٨٨٤) من حديث أبي جحيفة وهو الطريق الذي تقدم.
١١- حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ قَالَ: «اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ»، فَرَأَيْتُهُ وَقد حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَقُلْتُ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا إِنْ يُؤخِّرْ الصَّلاةَ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا أُصَلِّي أُومِئُ إِيمَاءً نَحْوَهُ. رواه أحمد، وأبو داود (ص ١٤٠) .
ضعيف أخرجه أحمد (جـ ٣ ص ٤٩٦)، وأبو داود وكذا البيهقي (جـ ٣ ص ٢٥٦) عن محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن ابن عبد الله بن أنيس عن أبيه ثم ساقه مطولًا.
قلت: وهذا سند فيه ضعف، رجاله كلهم ثقات غير بن عبد الله بن أنيس وقد سماه البيهقي عبيد الله كذا وقع في النسخة عبيد مصغرًا وليس في أولاد عبد الله بن أنيس من يدعى عبيدًا، فالصواب عبد الله وقد أورده هكذا مكبرًا ابن أبي حاتم ٣/٣/٩٠ فقال: روى عن أبيه، روى عنه محمد بن إبراهيم التيمي ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا، وأما ابن حبان فذكره في الثقات (جـ ١ ص ١٠٨) .
قلت: وهذا الحديث من رواية محمد بن جعفر عن ابن أنيس فالظاهر أنه روى عنه اثنان هذا أحدهما والآخر التيمي وصنيع الذهبي في الميزان التفريق بين الذي روى عنه ابن جعفر والذي روى عنه التيمي وتبعه الحافظ في التهذيب والظاهر أنهما
1 / 13
واحد بدليل رواية البيهقي هذه. والله أعلم ثم أنهما لم يوثقاه ولا ضعفاه فهو في عداد المجهولين. وقال الشوكاني في النيل (جـ ٣ ص ٢١٣): سكت عنه أبو داود، والمنذري وحسن إسناده الحافظ في الفتح وفي تحسينه نظر عندي لما عرفت من حال ابن عبد الله بن أنيس. والله أعلم. انتهى من الإرواء (جـ ٣ ص ٤٧، ٤٨، ٤٩) .
أقول: الصواب قول الحافظ وكذلك حسنه ابن العراقي في طرح التثريب وقال الهيثمي: في مجمع الزوائد (جـ ٤ ص ٢٠٣) عن محمد بن كعب قال: قال عبد الله بن أنيس إلخ رواه الطبراني ورجاله ثقات ثم ذكره من رواية عبادة بن الصامت وقال: رواه الطبراني وإسحاق بن يحيى لم يدرك عبادة. هـ. انتهى، ورواه عمر بن شبه في أخبار المدينة عن الزهري مرسلًا فهذه الروايات يقوي بعضها بعضًا وتدل على أن الحديث حسن كما قال الحافظ. وراجع الكلمات المفيدة على أخبار المدينة (جـ ٢ ص ٧٢) .
١٢- قال في سلسلة الضعيفة (جـ ٢ ص ١٠٢) رقم (٦٤٧) .
حديث «أي الخلق أعجب إليكم إيمانًا؟» قالوا: الملائكة. قال: «وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم ﷿؟» قالوا: فالنبيون. قال: «وما لهم لا يؤمنون الوحي ينزل عليهم؟» . قالوا: فنحن قال: «وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم»؟ قال: فقال رسول الله ﷺ: «ألا إن أعجب الخلق إليّ إيمانًا لقوم يكونون من بعدكم يجدون صحفًا فيها كتاب يؤمنون بما فيها» .
ضعيف رواه الحسن بن عرفة ثنا إسماعيل بن عياش الحمصي عن المغيرة بن قيس التميمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا قال: وهذا إسناد ضعيف إسماعيل بن عياش ضعيف في
1 / 14
روايته عن غير الشاميين، وهذا منها. والمغيرة بن قيس بصري ضعيف.
وقد روي الحديث بلفظ آخر وهو: «أتدرون أي أهل الإيمان أفضل إيمانًا»؟ قالوا: يا رسول الله الملائكة. قال: «هم كذلك ويحق ذلك لهم وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها بل غيرهم»، قالوا: يا رسول الله فالأنبياء الذين أكرمهم الله تعالى بالنبوة والرسالة، قال: «هم كذلك ويحق لهم ذلك وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها بل غيرهم»، قال: قلنا: فمن هم يا رسول الله؟ قال: «أقوام يأتون من بعدي في أصلاب الرجال فيؤمنون بي ولم يروني ويجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانًا» .
قال: ضعيف جدًا.
رواه البغوي في حديث مصعب الزبيري وعنه ابن عساكر والخطيب في شرف أصحاب الحديث من طريق أبي يعلى وهذا في مسنده والحاكم وعنه الهروي في ذم الكلام عن محمد بن أبي حميد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر مرفوعًا.
ثم ذكر ضعف محمد بن أبي حميد ثم قال: فعلى هذا لا يصلح الحديث شاهدًا للذي قبله فلا أدري لم جزم الحافظ ابن كثير في اختصار علوم الحديث بنسبته إلى النبي ﷺ بقوله وقد ورد في الحديث عن النبي ﷺ أنه قال فذكره فلعله ظن أن ابن أبي حميد هذا ممن يستشهد به أو أنه وقف على طريق أو طرق أخرى يتقوى الحديث بها. انتهى.
أقول هذا الاحتمال الثاني أقرب والحديث حسن لأن له شواهد منها ما رواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس ﵄ قال
1 / 15
أصبح رسول الله ﷺ يومًا فقال: «ما من ماء»؟ قالوا: لا، فقال: «هل من شن» فجاؤا بشن فوضع بين يدي رسول الله ﷺ ووضع يده عليه ثم فرق أصابعه فنبع الماء إلى أن قال.. فقال: «يا أيها الناس من أعجب إيمانًا»؟ قالوا: الملائكة، قال: «وكيف لا تؤمن الملائكة وهم يعاينون الأمر» إلى أن قال: «ولكن أعجب الناس إيمانًا قوم يجيئون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني ويصدقوني ولم يروني أولئك إخواني» . ورواه أحمد، والطبراني في الأوسط، والبزار باختصار وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط. انتهى من مجمع الزوائد (جـ ٨ ص ٣٠٠) .
ومنها ما رواه البزار عن أنس قال قال رسول الله ﷺ: «أي الخلق أعجب» . قالوا: الملائكة ... إلخ. قال الهيثمي: فيه سعيد بن بشير وقد اختلف فيه، فوثقه قوم وضعفه آخرون وبقية رجاله ثقات أ. هـ. مجمع الزوائد جـ ١٠ ص ٦٥.
1 / 16