فَقَالَ السعيد الإنكليزي مُخَاطبا الْعَالم النجدي. أَنَّك يَا مولَايَ قد صورت فِي مُقَدّمَة خطابك فِي التَّوْحِيد من هُوَ الْمُسلم وألزمته الْعَمَل بِالْكتاب وَالسّنة، فأرجوك أَن تعرفنِي أَولا مَا هُوَ الْكتاب وَمَا هِيَ السّنة.
فَقَالَ الْعَالم النجدي: أما (الْكتاب) فَهُوَ هَذَا الْقُرْآن الَّذِي وصل إِلَيْنَا بطرِيق لَا تحْتَمل الشُّبْهَة فِيهِ لِاجْتِمَاع الْكَلِمَة واتفاق الْأمة عَلَيْهِ، وتناقلها إِيَّاه جيلًا عَن جيل، وحفظًا فِي الصُّدُور، وضبطًا فِي السطور مَعَ الْحِرْص الْعَظِيم على كَيْفيَّة أَدَائِهِ لفظا وعَلى هَيْئَة إمْلَائِهِ كِتَابَة، وَمَعَ الاعتناء الْكَامِل فِي تَحْقِيق أَسبَاب النُّزُول ومكانه وَوَقته، وَمَعَ حفظ اللُّغَة الْعَرَبيَّة المضرية القرشية الَّتِي نزل بهَا بِاتِّفَاق لَا مزِيد عَلَيْهِ. وَبَقَاء الْقُرْآن مَحْفُوظًا من التحريف والتغيير وموجبات الريب إِلَى الْآن هُوَ أحد وُجُوه إعجازه، حَيْثُ جَاءَ مُصدقا لقَوْله تَعَالَى فِيهِ: ﴿إِنَّا نَحن نزلنَا الذّكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون﴾ .
أما (السّنة) فَهِيَ مَا قَالَه الرَّسُول [ﷺ] أَو فعله أَو أقره، وَلم يكن صدر مِنْهُ ذَلِك على سَبِيل الِاخْتِصَاص أَو الْحِكَايَة أَو الْعَادة؛ وَقد اعتنى الصَّحَابَة وَلَا سِيمَا التابعون وتابعوهم ﵃ بِحِفْظ السّنة حَدِيثهَا وآثارها وسيرها غَايَة الاعتناء؛ وتناقلوها