[191_2]
في الصدقات فإن أعطوا منها رضوا وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون)، فعجب المأمون من حسن انتزاعه، وحضور مراده في وقته وقال: صدقت يا أحمد وأمر بإخراجهم.
وكثر طلاب الصدقات بباب المأمون مرة، فكتب إليه أحمد: داعي نداك يا أمير المؤمنين ومنادي جدواك جمعا الوفود ببابك، يرجعون نوالك المعهود، فمنهم من يمت بحرمة، ومنهم من يدل بخدمة، وقد أجحف بهم المقام، وطالت عليهم الأيام، فإن رأى أمير المؤمنين أن ينعشهم بسيبه، ويحقق حسن ظنهم بطوله فعل إن شاء الله.
فوقع المأمون: الخير متبع، وأبواب الملوك مغان لطالبي الحاجات، ومواطن لهم، ولذلك قال الشاعر:
يسقط الطير حيث يلتقط الحب ... ويغشي منازل الكرماء
فاكتب أسماء من ببابنا منهم، واحك مراتبهم، ليصل إلى كل رجل قدر استحقاقه، ولا تكدر معروفنا عندهم بطول الحجاب، وتأخير الثواب.
فقد قال الشاعر:
فإنك لن ترى طردا لحر ... كإلصاق به طرف الهوان
ومن أخبار أحمد وفيها صورة أخلاقه، أنه خاصم رجلا بين يدي المأمون وكان صغا المأمون إليه على أحمد. ففطن لذلك فقال: يا أمير المؤمنين إنه يستملي من عينيك ما يلقاني به، ويستبين بحركتك كل تجنبه له، وبلوغ إرادتك أحب إلى من بلوغ أملي، ولذة إجابتك أمتع عندي من لذة ظفري، وقد تركت ما نازعني فيه، وسلمت له ما طالبني به. فاستحسن ذلك المأمون
وكان واسع الصدر كأكثر من يلي شيئا من أمر الأمة من العظماء.
قيل إن أبا العتاهية أتى أحمد فحجب عنه فقال:
पृष्ठ 191