173

[172_2]

عمرو: كتابي كتاب واثق بمن كتب إليه، معنى بمن كتب له، ولن يضيع بين الثقة والعناية حامله.

وكتب إلى الحسن بن سهل: أما بعد، فإن هبة الله لك هبة لأمير المؤمنين، وزيادته إياك في عدده لمحلك عنده ومكانك من دولته؛ وقد بلغ أمير المؤمنين أن الله وهب لك غلاما سريا، فبارك الله لك فيه، وجعله بارا تقيا، مباركا سعيدا زكيا.

ومن كتاب: وصل إلى كتابك، على ظمإ مني إليه، وتطلع شديد، وبعد عهد بعيد، ولوم مني على ما مستني به من جفائك، على كثرة ما تابعت من الكتب، وعدمت من الجواب، فكان أول ما سبق إلي من كتابك السرور بالنظر إليه، أنسا بما تجدد لي من رأيك في المواصلة بالمكاتبة، ثم تضاعف المسرة، بخير السلامة، وعلم الحال في الهيئة، ورأيتك بما تظاهرت من الاحتجاج، في ترك الكتاب، سالكا سبيل التخلص مما أنا مخلصك منه، بالإغضاء عن إلزامك الحجة، في ترك الابتداء والإجابة، وذكرت شغلك بوجوه من الأشغال كثيرة متظاهرة ممكنة، لا أجشمك متابعة الكتب، ولا أحمل عليك المشاكلة بالجواب، ويقنعني منك في كل شهر كتاب، ولن تلزم نفسك في البر قليلا، إلا ألزمت نفسي عنه كثيرا، وإن كنت لا أستكثر شيئا منك، أدام الله مودتك وثبت إخاءك، واستماح لي منك، فرأيك في متابعة الكتب ومحادثتي فيها بخبرك موفقا إن شاء الله.

وقال عن نفسه أنه كتب إلى عامل دستبي كتابا أطاله، فأخذه المأمون بيده وكتبه: قد كثر شاكوك فإما عدلت، وإما اعتزلت؛ فبالإيجاز فاز ابن مسعدة بجائزة البلاغة، والإيجاز في اصطلاح علماء البيان هو اندراج المعاني المتكاثرة تحت اللفظ القليل، فرب لفظ قليل، يدل على معنى كثير، وكم من لفظ كثير، يدل على معنى قليل، ومثال ذلك الجوهرة الواحدة بالنسبة إلى الدراهم الكثيرة، فمن ينظر إلى طول الألفاظ يؤثر الدراهم لكثرتها، ومن ينظر إلى شرف المعاني يؤثر

पृष्ठ 172