[105_2]
ولقي ربه على غير دين ولا شريعة، محرم المأكل والمشرب والمناكح والمركب والرق والملك والملبس على الوجوه والأسباب كلها، وكتبت بخطي ولا نية لي سواه، ولا يقبل الله مني إلا إياه والوفاء به.
فأنكر أبو جعفر هذه الصيغة الشديدة في الأمان، وقال: من يكتب له هذا؟ فقيل ابن المقفع كاتب عيسى بن علي. فقال أبو جعفر: فما أحد يكفينيه؛ وكان سفيان بن معاوية يضطغن على ابن المقفع أشياء، منها: أنه كان يبعث به فيما قيل، فتولى قتله. وقيل إن سفيان لما أمر يقتله قال له: والله إنك لتقتلني، فتقتل بقتلي ألف نفس، ولو قتل مائة مثلك ما وفوا بواحد، ثم قال:
إذا ما مات مثلي مات شخص ... يموت بموته خلق كثير
وأنت تموت وحدك ليس يدري ... بموتك لا الصغير ولا الكبير
هذه رواية الجهشياري في الأسباب التي دعت المنصور إلى قتل ابن المقفع وفي كتاب المقالات للنوبختي أن المنصور كتب لعبد الله بن علي عمه، فيما روي، سبعين أمانا كلها يردها عبد الله بن المقفع، ويقول له: هذا ينتقض عليك، ويبطل من مكان كذا وكذا. فلما ضجر المنصور، وطال عليه أمره، كتب إلى بن معاوية المهلبي، وهو عامله على البصرة، بعد ما وقف على أمر ابن المقفع وأنه صاحبه، وكان متواريا مخافة المنصور، وما بلغه عنه: يقسم بالله وبالأيمان المغلظة لئن لم يطلب عبد الله بن المقفع ولم يقتله ليقتله ومن بقي من أهل بيته من آل الملهب، فطلبه يزيد بن معاوية فظفر به، وأراد حمله إلى المنصور فقتل نفسه. قال بعضهم: أنه شرب سما وقال بعضهم: إنه خنق نفسه. فلما قتل ابن المقفع قبل عبد الله بن علي أول أمان ورد عليه، وظهر فحمل إلى المنصور فحسبه في بيت ثم هدمه عليه فقتله، وقال بعضهم: بل بعث إليه وهو نائم ثم وضع على وجهه شيئا فأخذ بنفسه حتى مات. وقال بعضهم: إنه سمه في طعامه فقتله اه.
पृष्ठ 105