يحدثنا هوميروس عن الشعراء «المنشدين» الذين ينشدون الأشعار في قصور الملوك وهم يقطنون فيها، ويغنون على الموائد التي تقيمها تلك الشخصيات الكبيرة، منشدين لهم الكثير من أعمال البطولة التي قام بها أبطال اليونان السابقون، وذلك على نغمات القيثارة. ومن هؤلاء الشعراء المنشدين الذين اتخذوا قصور الملوك مسكنا لهم الشاعر الذي تركه وراءه الملك أجاممنون كي يرفه عن زوجته كلومينيسترا
Clymenestra ، ويوحي إليها بالعواطف السامية إبان غياب زوجها، وكذلك الشاعر الذي كان في جزيرة إيثاكا ويدعى فيميوس
، والذي كان ينشد أشعارا جميلة يطيب بها خاطر الشخص الذي كان يطالب بعرش هذه الجزيرة، والذي عفا عنه أوديسيوس عند عودته من رحلته التي ضل فيها. ومن هؤلاء الشعراء من كان يهيم على وجهه متنقلا من قصر إلى آخر ينشد في المناسبات والفرص والأعياد. ومنهم من جمع بين هذا وذاك كالشاعر ديمودوكوس
Demodocus
الذي كان يغني في قصر الملك ألكينوس، ولكن هذا الشاعر لم يقطن في هذا القصر دائما، بل كان يخرج من قصر ألكينوس ليتنقل من مكان إلى مكان؛ ومن ثم فهو وسط بين الشاعر المقيم والشاعر الرحال.
الشعر الغنائي
ما الذي كان يغنيه هؤلاء الشعراء؟ كانوا يغنون شعرا غنائيا شعبيا. ولا شك في هذا لأن جميع الآداب القديمة ابتدأت أولا بهذا الشعر الغنائي الذي يغنى للشعب ويفهمه الشعب. كانوا يغنون بصفة خاصة أشعارا تمجد أعمال الفروسية التي قام بها أبطال اليونان، فالشاعر ديمودوكوس كان يبدأ إنشاده عادة بالأشعار التي تقص الحب الذي كان بين أريس
Ares
وأفروديتي
Aphrodite
अज्ञात पृष्ठ