उदबा करब फी अक्सुर कब्बासिय्या
أدباء العرب في الأعصر العباسية
शैलियों
كان عبد الحميد بن يحيى أول من وضع للرسائل أصولها، وميز فصولها، وأطنب في بعض شئونها وأسهب، وأجمل في بعضها الآخر وأوجز، وأطال التحميدات في صدورها، وجعل لها استهلالات يفتتحها بها، وذيولا يختتمها بها؛ فترسم الكتاب خطاه، واقتفروا معالمه، حتى إذا اطمأن الملك في بني العباس، وأنشئت له الدواوين، ووضعت له الأنظمة، تعددت أغراض الرسائل بتعدد الأعمال، وقامت معها الإخوانيات على أنواع مختلفة، فمن عتاب وشكوى، إلى تهنئة وشكر، إلى تعزية ورثاء، إلى استغاثة واستعطاف، إلى ذم ووعيد، فافتن المترسلون فيها وأبدعوا، ونمقوا عباراتها وزخرفوا، وأطالوا فيها وأوجزوا، وغلب الإطناب عليهم في العهود السياسية، والمناظرات، ووصف الانتصارات، وغير ذلك مما ينبغي إيضاحه وتقريره في أذهان العوام. ولك مثال على هذا، عهد طاهر بن الحسين إلى ابنه عبد الله، ورسالة الخميس من الخليفة المأمون إلى مبايعيه أهل خراسان؛ ففيهما من الإطناب شيء كثير. وغلب الإيجاز عليهم في الإخوانيات، وبلغوا به حد السرف في التوقيعات
3
فوقعوا أحيانا في الغموض.
ويبدءون رسائلهم غالبا بقولهم: «الحمد لله.» أو «أما بعد، فالحمد لله .» وهذه طريقة عبد الحميد، وربما ابتدءوا بالبسملة وأردفوها بالدعاء، كقول سهل بن هارون في رسالة البخل: «بسم الله الرحمن الرحيم، أصلح الله أمركم وجمع شملكم ...» ومن ابتداءاتهم قولهم: «أما بعد.» دون أن يعقبها دعاء أو حمدلة، وقولهم: «كتابي إليك.» ويتبعونها الدعاء أو لا يتبعونها إياه.
وإذا استهلوا بالحمدلة تابعوا التحميد، فيطيلونه أو يقصرونه، فمن تحميداتهم قول المأمون في رسالة الخميس: «أما بعد، فالحمد لله القادر القاهر، الباعث الوارث، ذي العز والسلطان، والنور والبرهان، فاطر السموات والأرض وما بينهما، والمتقدم بالمن والطول على أهلهما، قبل استحقاقهم لمثوبته، بالمحافظة على شرائع طاعته، الذي جعل ما أودع عباده من نعمته دليلا هاديا لهم إلى معرفته ... إلخ.»
ويكثر في رسائلهم الاستشهاد بآيات القرآن، ثم بالأحاديث والأمثال، وأقوال الحكماء والعظماء، وربما تخللها الدعاء في جمل اعتراضية، كقول أحمد بن يوسف وزير المأمون: «ونحن نسأل الله - عز وجل - الذي جمع بأمير المؤمنين - مد الله في عمره - ألفتنا ... إلخ.»
ويختمون غالبا بقولهم: «والسلام.» أو «والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.» أو «إن شاء الله.» وقد يطول الدعاء في الختام إذا كان الكتاب إلى خليفة أو أمير، أو من خليفة أو أمير إلى رعيته، فلا يلتزم في نهايته ما يلتزم في غيره من السلام، وربما ختم بآية كقول أحمد بن يوسف: «ونحن نسأل الله - عز وجل - الذي جمع بأمير المؤمنين - مد الله في عمره - ألفتنا، وعلى طاعته أهواءنا وضمائرنا، وأنالنا من الغبطة في دولته وسلطانه، ما لم تحوه شيعة إمام، ولا أنصار خليفة، أن يتم نور أمير المؤمنين، ويعلي كعبه، ويمتعنا ببقائه، حتى يبلغه سؤله وهمته في الاستكثار من البر وادخار الأجر، واستيجاب الحمد والشكر، وأن يلم به الشعث، ويرأب به الصدع، ويصلح على يديه الفساد، ويرتق به فتوق هذه الأمة، ويثخن بسياسته ونكايته في عدوها، ويتابع الفتوح في بلدانهم حتى يؤتيه من نجح السعي، ورغائب الحظ في الدنيا، ما يجزل عليه ثوابه في الآخرة، وأرشد نجباءه وأصفياءه الذين يقول لهم:
فآتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الآخرة والله يحب المحسنين .
وتمتاز رسائلهم في حسن اتساقها، وترتيب أفكارها، وشرف ألفاظها ومعانيها، وهي في أكثرها إنشائية خطابية، لا خبرية قصصية.
والمترسلون كثير عددهم، منهم الملوك والأمراء والوزراء والمتصلون بهم، فمن الملوك المنصور والمأمون وإبراهيم بن المهدي، ومن الأمراء طاهر بن الحسين وأبو دلف، ومن الوزراء يحيى البرمكي وابنه جعفر، وذو الرئاستين الفضل بن سهل، وأحمد بن يوسف، وعمرو بن مسعدة،
अज्ञात पृष्ठ