उदबा करब फी अक्सुर कब्बासिय्या
أدباء العرب في الأعصر العباسية
शैलियों
ثارت نفسه لحديث سمعه، أو كف لمسها، أو طيب استنشقه؛ فهو فاسق القلب، شهواني الحب، لا يفهم منه غير اللذة الحيوانية، ولا غرو أن يخرج شعره صورة لنفسه الفاجرة، فيظهر حافلا بالفحش والتعهر.
وقد أجاد بشار الغزل كما أجاد غيره من الفنون، وكأنه شعر بعجزه عن تصبي النساء بجماله وحسن روائه، فاتخذ من براعة فنه وسيلة لإغرائهن، فنظم فيهن الغزل الرقيق الناعم؛ فأقبلن عليه يزرنه في منزله، ويجالسنه في البردان أو الرقيق؛
37
ليستمعن إلى شعره، حتى لم تبق غزلة في البصرة إلا كانت له راوية.
وغزل بشار شديد الخطر على العفاف؛ لأن صاحبه تعمد فيه إغراء النساء، وحضهن على الفجور ؛ فكان ذلك سببا لحمل المهدي على منعه من التشبيب، وقد جعل الخبيث غزله بلغة سهلة لينة، وأوزان خفيفة رشيقة؛ ليهون حفظه وفهمه على النساء، ولا سيما الجواري العجميات - وأكثره فيهن - فلا يستصعبن روايته، واعتمد على الصراحة؛ فروى حوادثه معهن بقالب قصصي، وقد يعنى بتذليل الصعاب للمرأة التي تتجنب الفضيحة وتخشاها.
وهو إلى ذلك يصنع مثلما يصنع الشعراء المتيمون؛ فيكثر من الأنين واللوعة، ووصف سقامه وسهره وحزنه؛ فيخيل إليك أنك تقرأ شعر رجل أضر به الحب حتى أدنفه، مع أنه لم يقف قلبه على امرأة واحدة ليتألم ويسقم إذا ابتعد عنها، ونرى أنه لم يصدق في وصف حبه إلا من تلك الناحية التي ذكر بها اللذة وتهالكه على طلبها، وإن آثر عبدة وأحبها أكثر من غيرها.
وقد أكثر شاعرنا من وصف نحوله على ضخامة جثته، حتى أخذ الناس يضحكون منه، ويعابثونه نكاية له، قيل: مر به بعض أهل الكوفة وهو منبطح في دهليزه كأنه جاموس، فقال: «يا أبا معاذ من القائل:
في حلتي جسم فتى ناحل
لو هبت الريح به طاحا»
38
अज्ञात पृष्ठ