310

उदबा करब फी अक्सुर कब्बासिय्या

أدباء العرب في الأعصر العباسية

शैलियों

معجزة تعجز كل الورى

ولو سروا في ضوء مشكاته

27

ومنزلة الحريري لم تقم على جمال القصص في مقاماته، والتفنن في أغراضها، وإنما قامت على إنشائها المنمق، وما فيها من رموز لغوية، وأحاج بيانية، فالحريري لم يحفل بالفن القصصي فيعمد إلى ترقيته، بل قصر همته على التصرف في الألفاظ، وضروب المحسنات والألغاز . فجاءت أقاصيصه متشابهة المواضيع، محدودة الخيال، ولكنها حافلة بكل عجيب من أنواع البيان والبديع، وكل غريب من كلام العرب ومذاهبهم.

وكان التصنع في الإنشاء هو الطراز الأعلى يومذاك، ففتن بإنشائه أهل زمانه، ومن جاء بعدهم، فاتخذوا مقاماته عنوانا للكمال، لا يلتفتون إلى غير الصناعة اللغوية فيها. وإليها أشار ابن خلكان في كلامه، والزمخشري في شعره.

وكثر بعد الحريري وضاع المقامات، وأشهر من اصطنعها في المتقدمين الزمخشري والسيوطي، وفي المتأخرين الشيخ ناصيف اليازجي، وكلهم اتخذ الحريري أستاذا له يجري على مثاله. (3) العلوم

ظل الاشتغال باللغة على نمو وازدياد، وتكاثرت الكتب المصنفة، ولا سيما كتب النحو والبيان. واشتهر من أصحاب اللغة طائفة كبيرة، منهم أبو زكريا التبريزي، وله ملخص إعراب القرآن، وشرح المعلقات، والوافي في العروض. ومنهم الحريري وقد تقدم ذكر تآليفه. ومنهم الجرجاني، وله أسرار البلاغة في المعاني والبيان، ودلائل الأعجاز في علم المعاني، والعوامل المائة . ومنهم الزمخشري وله أساس البلاغة في اللغة والمفصل في النحو. ومنهم السكاكي وله مفتاح العلوم في الصرف والاشتقاق والنحو والمعاني والبيان والعروض. ومنهم الصغاني وله مجمع البحرين في اللغة. ومنهم ابن الحاجب وله الكافية والشافية في الصرف والنحو. ومنهم ضياء الدين ابن الأثير، وله المثل السائر في علم البيان والصناعة اللفظية والمعنوية، وسنعود إليه في كلامنا على الأدب والأدباء.

وكذلك التاريخ كان له حظ حسن، فقد وضعت فيه عدة كتب لتعدد الممالك. وأشهر المؤرخين عماد الدين الأصفهاني، وله كتب في فتوح صلاح الدين وأخبار السلاجقة. وشهاب الدين أبو شامة وله كتاب الروضتين في أخبار صلاح الدين ونور الدين وحروب الصليبيين. والسمعاني وله كتاب الأنساب. والقفطي وله معجم تاريخي للفلاسفة والأطباء والطبيعيين والرياضيين، وله أنباء النحاة، وأخبار مصر. وابن عساكر الدمشقي وله تاريخ دمشق. وعز الدين ابن الأثير وله كتاب الكامل في التاريخ العام، ويعرف بتاريخ ابن الأثير.

وأما الجغرافيا فقد كان تقدمها في الأندلس، ولم يخل الشرق من رجال اشتغلوا بها وبالتاريخ معا أمثال ياقوت الحموي وله معجم البلدان، وهو كتاب جغرافي كبير بأسماء البلاد . وأمثال أبي الفرج الجوزي وله كتب كثيرة في التاريخ والجغرافيا.

وأما الفلسفة فقد ذوت في الشرق بعد أن نبغ الغزالي وأصلاها وأصحابها حربا حامية في كتابه تهافت الفلاسفة. ولو لم تتداركها الأندلس لاندثرت معالمها عند العرب. (4) الأدب والأدباء

अज्ञात पृष्ठ