उदबा करब फी अक्सुर कब्बासिय्या
أدباء العرب في الأعصر العباسية
शैलियों
11
وفيها يسوق أبو زيد ولده إلى الوالي متهما إياه بأنه فتك بابنه، فينتصر الوالي للغلام، ويدفع لأبي زيد بعض دية المقتول، على أن يجمع له الباقي في الغد، فما دجا الليل إلا شمر أبو زيد وفرخه للهرب، تاركين الوالي على أحر من ذات اللهب. وإلى دينية يقف فيها أبو زيد واعظا مزهدا في الدنيا كالمقامة الصنعانية.
12
وإلى خلقية اجتماعية كالمقامة الرازية،
13
وفيها يعط أبو زيد الوالي الذي يغتر بمنصبه، ولا يعتد بحقوق الناس.
وهذه الأغراض على اختلافها يقصد بها إلى الكدية، ووسائلها عند أبي زيد كثيرة، فمرة يطلبها بالتقوى والتنسك، فيخدع الناس، وينال سبيهم، حتى إذا خلا في مثواه عكف على الخمر والمجون. فكأن الحريري يمثل به جماعة من شيوخ الدين، يتخذون النفاق لهم شعارا، وينصحون الناس، ولا ينتصحون. ومرة يتلاحى وزوجته عند القاضي أو الوالي ويتجادلان، وكلاهما فصيح لسن، فيعجب بهما الحكم ويصلح بينهما ويدفع لهما شيئا من المال. وحينا يكون الخصام بينه وبين ولده. وأكثر ما يمثل الولاة والقضاة أغبياء تجوز عليهم الحيل، أو فساقا يجورون عن الحق خضوعا للجمال. وأخباره مع القضاة والولاة كثيرة متشابهة يكاد لا يختلف بعضها عن بعض.
وأعظم وسيلة عنده للتكدي فصاحة لسانه، وسعة علمه، وربما عمد إلى طرق في غاية الدناءة والخسة، كأن يشحذ ثمن كفن لميت يدعيه، أو يقطع الطرق ويسل الخيل. أو يتعامى فتقوده امرأته إلى المسجد ليصطاد الناس بأحابيله، فالكدية عند أبي زيد ملازمة له في جميع مقاماته، لا تفارقه ولا يفارقها.
ولكن لأبي زيد نهاية حسنة ليس لأبي الفتح مثلها؛ فإنه تاب توبة نصوحا في المقامة الأخيرة، وأقلع عن الاحتيال والفسق، وتنسك وفارق راويته فراقا لا لقاء بعده.
والحريري في مقاماته أكثر تعلقا بالحواضر من بديع الزمان، فما يكاد يخرج إلى البادية إلا في واحدة منها أو اثنتين. ومقاماته في الغالب أطول من مقامات أستاذه بيد أن طولها لا يعود على اتساع الفن القصصي فيها، وإنما على اجتماع خبرين في مقامة واحدة، أو على فيض الألفاظ، وكثرة المترادفات، ومعاقبة الجمل على المعاني، أو على الإكثار من الشعر، وفيه القصائد التي يشرح بها أبو زيد أحواله، ويقص أخباره.
अज्ञात पृष्ठ