210

उदबा करब फी अक्सुर कब्बासिय्या

أدباء العرب في الأعصر العباسية

शैलियों

ودعوى فعلت بشأو بعيد

7

ومن تتبع ديوانه منذ حداثته إلى اكتهاله يرى حب الولاية والرئاسة يدور في رأسه، ويدفعه إلى إظهار ما في ضميره من الرغبة في الخروج على السلطان، والاستظهار بالشجعان، والاستيلاء على بعض الأطراف. وغير مستبعد أن يلتمس الملك بالوسائل الدينية، فيدعي العلوية أسوة بغيره من الأدعياء.

ويستدل من قصيدته التي بعث بها إلى الوالي وهو مسجون، أنه أظهر دعوته قبل أن يتم الخامسة عشرة، وهذا من غرائب النبوغ المبكر إن صح الخبر، وفي ذلك يقول:

تعجل في وجوب الحدود

وحدي قبيل وجوب السجود

8

أما الثعالبي فلم يطمئن إلى هذا البيت، بل ارتاب في صدق صاحبه وقال: «ويجوز أن يكون قد صغر سنه وأمر نفسه عند الوالي؛ لأن من كان صبيا لم يظن به اجتماع الناس إليه للشقاق والخلاف.» وإذا تقصينا أخبار دعوته تبين لنا من حديث لأبي عبد الله معاذ بن إسماعيل اللاذقي أن المتنبي قدم اللاذقية في سنة عشرين ونيف وثلاثمائة للهجرة، وزعم أنه نبي مرسل، فيكون يومئذ في حدود العشرين، وهي السنة التي اعتقله فيها لؤلؤ فطال حبسه حتى انتقلت إمارة حمص إلى إسحاق بن كيغلغ التركي، فلبث يعاني مضض الاعتقال حتى مرض واشتد عليه المرض فنظم قصيدته التي يستعطفه بها ويصغر فيها سنه. ووافق وصول هذه القصيدة الرقيقة شفاعات للفتى المريض، فرضي ابن كيغلغ أن يعفو عنه إذا تاب وأنكر دعواه، فأظهر المتنبي توبته، وأطلق سراحه في أواخر سنة 324ه/936م بعدما قضى في السجن زهاء سنتين.

وفاداته على الأمراء

لم يرث المتنبي من أبيه مالا يسد به خلته، ويغنيه عن التكسب بشعره. وكثيرا ما كان يشكو الفقر وشظف العيش، وقلة الأعوان. وابتدأ يمدح الناس وهو في الكتاب، وكان من جوائزه في صباه هدية فيها سمك من سكر ولوز في بركة من العسل. وعضت به الحاجة بعد موت أبيه فراح يتردد في حواضر الشام، يمدح الأمراء والسادات؛ فعرفته دمشق، وبعلبك، وحمص، وطرابلس، ومنبج، وأنطاكية، واللاذقية، وطرسوس، وصور، وطبرية، والرملة. وله مدائح قالها في أثناء دعوته يوم كان يتوغل في البادية، ويستنصر الأعراب، كمدحته في الحسين بن إسحاق التنوخي، أنشده إياها في اللاذقية وهو ابن عشرين؛ لقوله فيها:

अज्ञात पृष्ठ