विरासत और नवीनीकरण: हमारा पुरानी विरासत से स्थिति
التراث والتجديد: موقفنا من التراث القديم
शैलियों
قصور النظرة العلمية، فليس التراث بغير ذي قيمة، إن لم يكن كغاية في ذاته فعلى الأقل كوسيلة، فالتراث جزء من المخزون النفسي للمعاصرين، فهو إذن إحدى مكونات الواقع، كالعادات والتقاليد والأمثلة الشعبية، وهذه لا تلغي أو تسقط من الحساب بل تستخدم ويعاد صياغتها، وتغيير الجماهير وتطوير الواقع لا يتم بطريقة آلية عن طريق استبدال جماهير بأخرى أفضل، وواقع بواقع آخر أكمل بل بتطوير الموجود بالفعل دون نظر إلى التكاليف أو الوقت أو الجهد، فهذا هو البناء الأبقى، وأنه ليمكن بسهولة تصنيع الريف عن طريق وضع آلة في القرية تدخل من جانب الفاكهة وتخرجها من جانب آخر معلبات، فينظر إليها الريفي بعين الدهشة والإعجاب وينقل نظرته إلى الضريح، القادر على القيام بالمعجزات، وإلى الولي القادر على القيام بالكرامات - ينقل نظرته هذه إلى الآلة، فالكل بالنسبة إليه شيء يثير الدهشة في غياب الرابطة بين العلة والمعلول، فبتغير البناء التحتي لا يتغير البناء الفوقي آليا بل لا بد من عملية إعادة تفسير القديم من أجل تغير النظرة للعالم، وهذا هو شرط التصنيع وأساس التقدم.
التقليد، تخاطر هذه الفئة بالوقوع في التقليد، وباستعارة تجارب سابقة، وبالوقوع في العمومية ونسيان الخصوصية - وقد يصل الأمر إلى حد الخيانة للواقع بالإضافة إلى التبعية الفكرية التي قد تصل أيضا إلى حد العمالة، ذلك لصدور الجديد عن بيئة ثقافية مغايرة لبيئة الثقافة الوطنية، وهي في الغالب البيئة الأوروبية سواء كانت الدعوة إلى النظم الليبرالية أم إلى النظم الاشتراكية؛ لذلك كان أنصار التجديد متأوروبون، سلوكيا أم ثقافيا، وقد نبهت حركات الإصلاح الحديثة على خطورة التقليد والتبعية، ولكن دون جدوى، فنظرا لانفصام عديد من المثقفين عن التراث القديم نتيجة للاغتراب الحضاري فإنهم لا يجدون بديلا إلا في التراث الغربي الذي كانت له الريادة منذ أربعة قرون دون وعي منهم بانحسار هذه الريادة الآن، ودون دراية بأن هذه الثقافة التي ينهلون منها الثقافة محلية صرفة، وليس فيها أي أثر لدعوى العالمية والشمول.
14
الازدواجية، وذلك أن أكثرية هذه الفئة تربطها بأوروبا أوشاج ثقافية أو دينية، فقد تربت في مدارس غربية خاصة، دينية أم علمانية، كما نشأت في الغرب وتكونت ثقافيا فيه، وتظن أن التراث القديم تراث إسلامي لا يرتبطون به دينيا أو ثقافيا،
15
ومن ثم، وجدت هذه الفئة نفسها تدعو للحديث وترك القديم «الإسلامي» ولكنها بينها وبين نفسها تحرص على القديم «المسيحي» وترى في تاريخ الكنيسة القبطية تاريخا لمصر، وفي تاريخ الكنيسة المارونية تاريخا للبنيان ... إلخ، فهي تدعي الإلحاد أمام المسلمين، وتؤمن بالله بينها وبين نفسها، تريد للمسلمين المواقف الجذرية، وتعيب عليهم الأساطير والغيبيات، وسيادة الوهم والخرافة، ثم تتعبد لله وتنشط داخل الكنيسة، تريد منهجا اجتماعيا جذريا يحدد العلاقة بين الإنسان والإنسان، وتؤمن بمنهج صوفي خالص يحدد العلاقة بين الإنسان والله في حين أن النظرة العلمية تحتم عليهم وحدة المنهج ، هذا بالإضافة إلى أن التراث القديم تراث سامي لا فرق فيه بين لحظاته الثلاث: اليهودية، والمسيحية، والإسلام بل إنه يجمع كل التراث السامي القديم، الفرعوني والأشوري والبابلي والكلداني.
الثقافة العصرية ليست غاية في ذاتها يمكن الكتابة عنها، والتعرف بها، وتقديمها والدعوة لها، فذلك ما تم منذ أكثر من قرنين من الزمان منذ بداية عصر الترجمة الثاني،
16
الثقافة العصرية هي ما سماه القدماء علوم الوسائل من أجل علوم الغايات، وأفضل المؤلفات في مذاهبها لن تغير الواقع قيد أنملة بل على العكس قد تطمس معالمه، وتكدس عليه معلومات قد لا يحتاجها كلها، وقد لا يحتاجها على الإطلاق، فانشغال الباحثين بعلوم الوسائل ضياع للوقت والجهد والعمر، وترسيخ للاغتراب الحضاري في شعور الناس، إن لم تستغل لتجديد القديم، وفك عقد الناس منه، الثقافة العصرية واردة من حضارة غازية، وهي ثقافة بيئية مغايرة لواقعنا المعاصر، فهي تعمي أكثر مما تكشف، وتغلف أكثر مما تبين،
17
अज्ञात पृष्ठ