क्लासिकी धरोहर: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय
التراث الكلاسيكي: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
إن هاجس التعرف على الذات في روما الإمبراطورية يوفر لنا - مثلما وفر من قبل للمفكرين والشعراء الرومان - مادة خصبة للتفكير والنقاش. واليوم قد ننجذب بشكل خاص إلى التضارب الصارخ بين مسرح أثينا المدني الصريح وديمقراطيتها المباشرة من ناحية، وبين إسكات النقاش وقمع الصوت البشري في الاستعراضات والمشاهد المسرحية الرومانية من ناحية أخرى. فعوضا عن التصويت، عملت جولة سنوية من «الخبز وأعمال السيرك» على صرف العامة عن القضايا والنقاشات والقرارات. في الفصل التالي لن نتدبر العالم البديل الذي نسجه أفلاطون على لسان شخصية سقراط، وإنما «مكانا آخر» أركاديا، جرى تخيله للمرة الأولى في الأيام الأولى لارتقاء أغسطس سدة الحكم. وعلى مدار تاريخ التراث الكلاسيكي منحنا هذا مكانا واعدا للتفكير والمشاهدة والاستماع، مكانا أهدأ من أي مسرح أثيني، وبالتأكيد أقل قسوة من أي ساحة قتال رومانية حضرية.
يقول المثل الشهير: «كل الطرق تؤدي إلى روما»، لكن روما أيضا هي المكان الذي تبدأ منه زيارة اليونان، فمن روما يشتاق العقل إلى السفر، بعيدا نحو تلك البقعة النائية من النظام الثقافي وسط الطبيعة البرية، «في موضع مرتفع بجانب الجبل، وفي جزء منعزل وعر من أركاديا ...» تقطع دراسة التراث الكلاسيكي هذا الطريق بلا توقف، في تدبر وتساؤل: أي العروض هو العرض الأعظم على سطح الأرض؟
الفصل التاسع
تخيل هذا
الابتعاد عن كل شيء
كانت باساي عند الحد الأقصى من حدود أركاديا، وهي منطقة جبلية في جنوب اليونان. كانت أركاديا قريبة من مدن اشتهرت في أرجاء العالم القديم؛ فإلى الجنوب كانت هناك أسبرطة، الأشبه بمعسكر حربي مسلح أكثر منها بمدينة، وكانت مدينة «أسبرطية» الطابع على النحو الذي نستخدم به الكلمة في وقتنا الحالي؛ وإلى الغرب كانت تقع أوليمبيا، وبها معبد زيوس العظيم الذي كانت تقام فيه كل أربعة أعوام أروع احتفالات الرياضيين في عموم اليونان، وتلك الاحتفالات هي سلف الألعاب الأوليمبية الحديثة؛ وإلى الشمال والشرق كانت هناك مدينتا أرجوس وكورنث المزدحمتان؛ وإذا ابتعدنا قليلا كانت هناك أثينا. إلا أن الإغريق كانوا يرون في أركاديا منطقة برية تحكمها الطبيعة، موطن الإله بان، الإله الذي نصفه إنسان ونصفه ماعز. وقد ورد في الأساطير الإغريقية أن بان من شأنه أن يعتدي جنسيا على أي كائن يطوله؛ فتاة كان أو حورية أو حيوانا. وقد صوره الفنانون الإغريق مصاحبا لأتباع ديونيسوس المنتشين في احتفالاتهم.
يخبرنا المؤرخ هيرودوت، الذي أرخ لانتصار أثينا الضعيفة في صدامها مع الفرس الأقوياء، كيف أن الأثينيين أرسلوا عداء إلى الأسبرطيين كي يطلبوا منهم العون في صد غزو جحافل الفرس. قابل هذا العداء بان مصادفة وهو في طريقه عبر أركاديا. ورغم أن الأسبرطيين لم ينجحوا في إرسال المساعدة في الوقت المناسب، فإن بان ساعد الأثينيين، الذين «أرعبوا» العدو حتى الهزيمة. وفي المقابل أقيم لبان ضريح مقدس أسفل هضبة الأكروبول في أثينا، وفي كل عام تقدم القرابين ويعقد سباق لحمل الشعلة تكريما للمساعدة التي قدمها.
أضافت نسخة لاحقة من القصة أن العداء نفسه جرى من ساحة المعركة في ماراثون كي يجلب أنباء النصر على الفرس، وبعد أن ألقى ما في جعبته من أنباء توفي من الإرهاق. وإلى اليوم لا يزال سباق الماراثون في الألعاب الأوليمبية يحتفي بهذا العمل البطولي، وإن لم يكن من المفترض أن يكلف العدائين أرواحهم.
أيضا ساعد اختراع بان للأداة الموسيقية المعروفة باسم «أنابيب بان» في تمييز أركاديا بوصفها موطنا للموسيقى والغناء. إن بوليبيوس الذي كتب (كما رأينا في الفصل الرابع) سردا باليونانية، من أجل اليونانيين، للغزو الروماني السريع للعالم، كان نفسه من أهل أركاديا؛ حيث ولد في المدينة الكبيرة. وهو يخبرنا أن الأرض كانت قاحلة جرداء لدرجة أن الغناء كان كل ما يخفف عن أهلها تلك الحياة التي لا تحتمل.
لكن في روما سيطرت أفكار أخرى عن أركاديا. فقبل أن يكتب فرجيل ملحمته «الإنياذة»، كان قد أنتج مجموعة من القصائد «الرعوية» (المعروفة باسم «المختارات»). تستحضر هذه القصائد عالما خارج العالم التاريخي للمدن والسياسة والحرب، مكانا يجلس فيه الرعاة، مثلما جلسوا دوما، دون أي منغصات أسفل الأشجار الظليلة التي تمنحهم المأوى من شمس منتصف النهار، يتبادلون الأغنيات أو ينعون حظهم العاثر في الحب. في تلك الأثناء ترتاح حيواناتهم أو تشرب الماء في حرارة النهار. تلك البيئة الشاعرية يطلق عليها «أركاديا».
अज्ञात पृष्ठ