क्लासिकी धरोहर: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय
التراث الكلاسيكي: مقدمة قصيرة جدا
शैलियों
وأيا كان التزامنا بترميم الآثار، فلا مناص من أن نشعر بخيبة الأمل إن زرنا باساي متوقعين أن نرى أثرا رومانسيا، فإذا بنا نقف أمام معبد يرى بالكاد من تحت غطاء رمادي يغطيه. مثل الرحال الأوائل، نحن أيضا مضطرون لإيجاد وسيلة للتعامل مع ذلك الصدام بين رؤيتنا الوهمية لليونان وما نراه في الواقع عندما نصل إلى هناك. وأيا كان مصدر أفكارنا المسبقة، سواء كنا جوالين عظاما أو ممن يعدون برامج العطلات، فإن زيارة اليونان تنطوي دائما على التوفيق بين تلك الأفكار المسبقة وما نجده على أرض الواقع. إننا لا نتصور في خيالنا عادة «أجواء» معبد مغطى بغطاء، ومع هذا تظل زيارة اليونان تنطوي دائما على رؤى مختلفة ومتضاربة للعالم القديم وحضارته.
بعبارة أخرى، إننا - معشر السياح المعاصرين - نشبه الرحال الأوائل في جوانب ونخالفهم من جوانب أخرى. بالقطع تغيرت أولوياتنا ، ومما لا شك فيه أن محور اهتمامنا بالمعبد والحفاظ عليه اختلف تماما، وتغيرت الظروف المادية لرحلتنا بشكل تام. ومع ذلك فإننا لا نتشارك مع أسلافنا فقط في خبرة رؤية ما تبقى من نفس الأثر (بخيمة أو بغيرها)؛ بل نتشارك معهم أيضا في الكيفية التي علينا أن نفهم بها زيارتنا، وكيفية التعامل مع الصدام المحرج في بعض الأحيان بين الصورة التي نحملها في أذهاننا لليونان واليونان الموجودة على أرض الواقع. وما هو أكثر أهمية، على الأرجح، أن خبرتنا باليونان ليست شيئا نكتشفه بأنفسنا، على نحو جديد تماما، بل هي شيء، على الأقل في جزء منه، نرثه من أولئك الرحال الذين خبروا اليونان قبلنا.
تشابه واختلاف
هذا الخليط من التشابه والاختلاف يقدم نموذجا قويا لفهم دراسة التراث الكلاسيكي ككل. وهو يقترح إجابة للسؤال الرئيسي الذي تطرحه هذه الدراسة دائما: إلى أي مدى يتغير التراث الكلاسيكي؟ إلى أي مدى ظل التراث الكلاسيكي اليوم كما كان منذ 100 أو 200 أو 300 سنة مضت؟ إلى أي مدى يمكن أن يكون هناك أي شيء جديد يمكن أن يقال أو نفكر فيه في موضوع أشبع كلاما وحديثا على مدار ألفي عام أو أكثر؟
والجواب، في ضوء زيارتنا إلى باساي، هو أن التراث الكلاسيكي ظل «كما هو»، وفي الوقت عينه «اختلف» اختلافا كبيرا عما كان عليه؛ فعندما نجلس لنقرأ الشعر الملحمي الذي نظمه هوميروس أو فرجيل، أو فلسفة أفلاطون أو أرسطو أو شيشرون، أو مسرحيات سوفوكليس أو أريستوفانيس أو بلوتس، فإننا «نتشارك» في ذلك النشاط مع جميع من قرءوا تلك الأعمال من قبلنا. إنه يربط بيننا وبين رهبان القرون الوسطى الذين نسخوا بتفان مئات من نصوص العالم القديم (ومن ثم حفظوا لنا ذلك التراث)، كما أنه يربط بيننا وبين تلاميذ مدارس القرن التاسع عشر الذين كانت تعج أيامهم بدراسة «أعمال التراث الكلاسيكي»، كما أنه يربط بيننا وبين قرون من المهندسين المعماريين والبنائين في جميع أنحاء أوروبا الذين (مثل كوكريل) قرءوا ما كتب فيتروفيوس ليتعلموا كيف يكون البناء.
وأكثر من ذلك أن «خبرتنا» بالتراث الكلاسيكي تتأثر حتما بخبرة هؤلاء. إن الأمر لا يقتصر على أن اختيار هؤلاء الرهبان من القرون الوسطى لما يجب نسخه هو ما حدد النصوص الكلاسيكية التي عاشت إلى عصرنا؛ فتقريبا كل أدب العالم القديم الذي كتب له أن يعيش إلى عصرنا قد حفظ بفضل ما بذله هؤلاء من جهد في نسخه وإعادة نسخه. إننا أيضا نعيش العالم الكلاسيكي القديم في ضوء ما قالته الأجيال السابقة عن هذا العالم وكتبته وفكرت فيه. ولا يتسم موضوع آخر بكل هذا القدر من الثراء والتنوع.
إننا جميعا مرتبطون بالتراث الكلاسيكي، بصرف النظر عن القدر الذي نظن أننا نعرفه عن الإغريق والرومان، قليلا كان أم كثيرا. ولا يسعنا مطلقا أن نتناول التراث الكلاسيكي كغرباء عنه تماما. ليست هناك ثقافة أجنبية أخرى تمثل كل هذا القدر من تاريخنا. وهذا لا يعني بالضرورة أن كل ما يخص تقاليد اليونان وروما هو أسمى مرتبة من أي حضارة أخرى؛ كما أنه لا يعني أن حضارتي العالم القديم هاتين لم تتأثرا أنفسهما بالثقافات السامية والأفريقية المجاورة، على سبيل المثال. في الواقع، جزء من انجذاب المعاصرين للعالم القديم يكمن في الطرق التي واجه بها الكتاب القدماء التقاليد الثقافية المتنوعة للغاية لعالمهم، وناقشوا، بلغة عصرنا، التعددية الثقافية لمجتمعاتهم. بالطبع، لعبت العجرفة بل والعنصرية دوريهما في العالم القديم، ولكن، على حد سواء، تطورت الليبرالية والإنسانية وانتشرتا في ظل نفوذ ذلك العالم.
إن كون التراث الكلاسيكي يمثل مركز جميع أشكال ما لدينا من سياسة ثقافية هو العنصر الذي يربط الحضارة الغربية بتراثها. فعندما ننظر، على سبيل المثال، إلى البارثينون لأول مرة، فإننا ننظر إليه ونحن نعلم مسبقا أن أجيالا من المهندسين المعماريين اختارت على وجه التحديد ذلك النمط لبناء المتاحف، وقاعات المدينة، والبنوك في معظم مدننا الكبرى. وعندما نمسك «الإنياذة» لفرجيل للمرة الأولى، فإننا نقرؤها ونحن نعلم أنها قصيدة أعجب بها الناس ودرسوها وقلدوها على مدار مئات بل آلاف السنين؛ باختصار هي عمل «كلاسيكي».
من ناحية أخرى، تعد خبرتنا بالعالم القديم جديدة في كل مرة؛ فقراءتنا الحالية لفرجيل لا يمكن أبدا أن تشبه قراءة راهب من القرون الوسطى أو قراءة تلميذ من القرن التاسع عشر. هذا يحدث جزئيا بسبب الظروف المختلفة التي نقرأ فرجيل فيها، وهي تشبه ظروف السفر المختلفة. إن زيارة إلى باساي في سيارة أجرة تختلف حتما عن زيارة إليها على ظهر بغل سيئ المزاج. وبنفس الطريقة تقريبا نجد قراءة الإنياذة في صورة نسخة ورقية في حجم الجيب تختلف تماما عن قراءتها في صورة كتاب قيم من الجلد منسوخ بخط اليد، وتختلف قراءتها وأنت جالس في كرسي تماما عن قراءتها وأنت في فصل دراسي تحت إشراف مدرس مرعب من العصر الفيكتوري.
ولكن الاختلافات تكمن، بصورة أكثر لفتا للأنظار، في الأسئلة والأولويات والافتراضات المختلفة التي نسبغها على النصوص والثقافة القديمتين. لا يوجد قارئ في أواخر القرن العشرين بوسعه أن يقرأ أي شيء - سواء أكان كلاسيكيا أم لا - بنفس الطريقة، أو بنفس الفهم الذي يخص قارئا من جيل سابق. فالنسوية، على سبيل المثال، لفتت الأنظار إلى أهمية دور المرأة في المجتمع والتعقيدات المحيطة بها، والبحوث التي أجريت مؤخرا في تاريخ الحياة الجنسية عززت أيضا فهما جديدا جذريا لأدب القدماء وثقافتهم.
अज्ञात पृष्ठ