82

त्यूनिस थैरा

تونس الثائرة

शैलियों

أما فيما يتعلق بالمساعدة المالية الفرنسية بوجه خاص، فمن الإنصاف أن نذكر أنها قروض تلتزم البلاد التونسية بسدادها مع فوائدها، وهي مسجلة بميزانية الدولة في صورة دفعات سنوية بعنوان: «الدين التونسي».

ولئن كانت فوائد هذه القروض لا تنكر وتستفيد منها البلاد وسكانها بصفة عامة، إلا أن الفائدة الكبرى تعود على الشركات المحتكرة لغالب ثروة البلاد الطبيعية ولوسائل النقل والمرافق العامة التي يكاد العنصر التونسي يكون مفقودا منها.

وإنه لمن المؤلم حقا أن نسمع ترديد نغم فرنسا بينما نرى في الوقت نفسه الصمت عن مساهمة الشعب التونسي في المحن التاريخية التي أصابت فرنسا، فهل نسيت بعد التضحيات في الأنفس خلال حربين عالميتين وأثناء جميع العمليات الحربية الفرنسية في أفريقيا وآسيا، وتلك المساعدات التي قدمتها البلاد التونسية لفرنسا من تموين وأيد عاملة، وتلك الكوارث والآلام والأحزان التي حلت بالبلاد التونسية من جراء الحرب التي استمرت مدة ستة شهور على أرضها، أفهل تبقى بلادنا بالرغم من كل ذلك مدينة لفرنسا إلى الأبد؟

وإني أستبعد أن يكون لكم ولرجالات الدولة الفرنسية مثل هذا الرأي؛ إذ إن القضية التونسية لجديرة بأن تبحث بحثا يرتفع بها عن حضيض المناقشات في الأرقام والموازنات.

ومن جهة أخرى فإن الحكومة التونسية تعرب عن تحفظاتها بالنسبة للقواعد التي وضعها كتابكم المؤرخ في 15 ديسمبر 1951، فقد كان يرمي إلى اعتبار التعديلات التي أدخلتها الأوامر العالية بتاريخ 8 فبراير 1951 على نظام السلطة التنفيذية والوظائف العامة تعديلات نهائية، ويثير موضوع تحقيق مشروع إصلاح نظام البلديات وفي الواقع أن التعديلات المشار إليها تعديلات شكلية أكثر منها أساسية، ووصفها بأنها نهائية ليس له أدنى مبرر؛ بدليل أن ممثل الحكومة الفرنسية لم يتردد في الاعتراف في كتاب رسمي بتاريخ 19 مايو 1951 بأن «هذه الإصلاحات لم تكن لها أي صبغة نهائية، بل هي مرحلة نحو إقامة الحكم الذاتي بالمملكة التونسية.»

يستنتج من رسالتكم أن سياسة المراحل - تلك السياسة التي تعتمد حسب تعبير المقيم العام في خطابه بتاريخ 13 يونيو 1950 على مبدأ تعزيز شخصية الحكومة التونسية وتنمية وسائل أعمالها لتصبح أداة صالحة لرقي المؤسسات التونسية - قد وقع العدول عنها لفائدة البحث عن إصلاح نظام البلديات، بينما يعتبر صاحب الجلالة وحكومته أن النظام البلدي غير ثانوي، بل هو جزء لا يتجزأ من جوهر النظام النيابي بالمملكة التونسية.

فعندما تقدم الحكومة الفرنسية هذا الإصلاح كوسيلة أولية ضرورية لتنمية الديمقراطية التونسية، تصرح الحكومة الفرنسية بغاية الارتياح أن القاعدة الأساسية لكل ديمقراطية هي أولا وبالذات «السيادة الموحدة» فبدون وحدة السيادة التي يجب الاعتراف بها قبل فتح أية مباحثة تصبح الديمقراطية التونسية صورة مشوهة للديمقراطية الحقة. ويصبح الوضع الذي تتمثل فيه هذه الديمقراطية وهما وغرورا.

وعندما تؤكد الحكومة التونسية مبدأ وحدة السيادة، فإنما تعبر بكل صدق عن إرادة مولاي المعظم التي أعرب عنها بوضوح في خطاب 15 مايو 1951 والتي تقضي بالسير بالنظام الملكي التونسي نحو نظام ملكي دستوري يتمشى والطموح القومي من جهة، ومع المعاهدات في «أسمى وضع معانيها» من جهة أخرى.

بيد أن خطابكم بتاريخ 15 ديسمبر 1951 أهمل هذه الناحية الأساسية للمسألة التونسية فأدى إلى نكث ما تعهدت به فرنسا من يوم 12 مايو 1881 إلى 17 أغسطس سنة 1950، وذلك لتمسككم الصريح بمبدأ مشاركة الفرنسيين في تسيير أنظمة الحكم في المملكة التونسية.

إن حكومة صاحب الجلالة تشعر بأنها أظهرت غاية المجاملة والتسامح أثناء قيامها بمهمتها الشاقة في المفاوضات، ولا يسعها إلا أن تأسف للإحجام الذي منيت به الحلول الرشيدة المقدمة من الجانب التونسي منذ عام ونصف تقريبا.

अज्ञात पृष्ठ