108

त्यूनिस थैरा

تونس الثائرة

शैलियों

وقد أجرى الوطنيون بحثا دقيقا بمستشفى سوسة؛ حيث نقلت الجثث والجرحى الفرنسيين، فوجدوا أن القتلى يفوقون الثلاثين، وجرح جميع رجال القافلة ما عدا اثني عشر فقط خرجوا منها سالمين. أما شهداؤنا الأبطال فهم: أحمد التركي، عثمان صندل، شبيل بن محمد نويرة، محمد بن عبد القادر المستيري .

ومن الغد (25 يناير) شيعت المدينة كلها شهداءها في موكب رهيب، وبينما كانوا مجتمعين في المقبرة لدفنهم، وإذا بقوات فرنسية هائلة تتقدم نحو القرية في الساعة الثالثة بعد الظهر، فلما وجدوها خاوية، مالوا نحو المقبرة فطوقوها، وجاءت تلك القوات في أكثر من ستين «لوري» محملة بالعساكر، وهي مؤلفة من الكوماندوس المهزوم، وكوماندوس بحري آخر أتى من مدينة صفاقس، وفرقتين كاملتين من الجنود مصحوبتين بكوكبة من الحرس المتنقل، مع عدد من الدبابات والسيارات المصفحة والمدافع من عيار 75. وكانت الباخرة الحربية «إيلان» تحرس المياه البحرية أمام طبلبة، وكان الوطنيون عزلا من السلاح، ولما طلب منهم ضابط فرنسي أن يدلوه على قادة الحركة الوطنية بالمدينة، أجمع التونسيون على أن هؤلاء القادة قد غادروا المدينة كلهم وسهلوا عليهم الفرار بالفعل.

وقد عم الغضب الشعب التونسي بأسره، ولم يقتصر على جهات معينة، وساد الاضطراب والهياج القطر التونسي كله، وكانت المظاهرات الشعبية الصاخبة التي تعد كل واحدة منها عشرات الآلاف تسير في شوارع صفاقس وقفصة والكاف وباجة ونفطة وتوزر وقابس ومدنين وجرجيس، كما سارت في شوارع تونس وبنزرت وسوسة والقيروان، وكان الإضراب العام يشمل جميع مدن القطر وقراها، كما كان الاعتداء المسلح الفرنسي عاما شاملا في البلاد، وكانت الحرب التي لم تتجاسر فرنسا على تسميتها باسمها الحقيقي تجتاح تونس كلها. (4) قطع المواصلات

لما رأى الوطنيون التونسيون تدفق القوات الفرنسية من الجزائر ومن فرنسا نفسها وسرعة تنقلها داخل البلاد، قرروا القيام بقطع المواصلات بأنواعها لتعطيل تلك القوات، فقطعوا أسلاك التليفون في الدخلة وجهة الكاف وجهة القيروان وجهة الساحل وصفاقس وجهة قابس والجنوب، بل قطعوها بين كل قرية وقرية وبين كل مدينة ومدينة، حتى صعب على السلطات الفرنسية الاتصال السريع وغمضت الحوادث، وأصبحت البلاغات الرسمية التي تصدرها الإقامة العامة تناقض ما تقوله إذاعات فرنسا، ووكالة (فرانس بريس) وقطع الوطنيون خط التليفون المدفون تحت الأرض الرابط بين تونس وفرنسا.

ثم وجهوا ضرباتهم إلى السكك الحديدية والجسور والطرقات، ففي ليلة 22 يناير قلع الوطنيون - قرب مدينة مساكن - قسما كبيرا من السكة الحديدية ، فخرج قطار للبضائع عن القضبان وانقلبت عرباته وتعطلت المواصلات بين سوسة والجنوب.

وفي ليلة الخميس 24 يناير على الساعة الثانية والأربعين دقيقة، خرج قطار عن السكة الحديدية الممتدة بين تونس والجزائر في جهة «ديبيان»؛ لأن الوطنيين حطموا قضبان السكة وأقلعوها على طول خمسة عشر مترا، فانقلبت القاطرة والعربات التي كانت تجرها وعددها اثنتا عشرة عربة مشحونة بمختلف البضائع، ومات عامل فرنسي من جراء الحادث، وتقدر الخسائر بأكثر من مائة مليون فرنك.

وفي نفس الساعة خرج قطار آخر عن السكك الحديدية بالقرب من «المنوبية» في ضواحي تونس، فانقلبت القاطرة وعرباتها الخمس عشرة بسبب قطع الوطنيين للسكة الحديدية، وكانت الأضرار المادية فادحة.

وقد انقلبت أيضا القاطرة التي تفتح الطريق إلى «الديزل» بعد خروجها من صفاقس.

وفي فبراير قطعت سكة الحديد بين صفاقس وقابس قرب المحرص، وانقلبت القاطرة وثلاثون عربة، وكان حادثا مريعا، واختلطت فيه البضائع بالحديد والخشب، وتدمرت السكة على طول كيلومتر واحد.

وفي شهر فبراير أيضا نسف الوطنيون محطة صفاقس الكبرى وفجروا فيها القنابل، فتقطعت السكة الحديدية، وتحطم مركز تحوير القطارات وتهدمت خزانة الماء.

अज्ञात पृष्ठ