بمكانة من الوزير وعفته، وكان عفيفًا، فلما طال ذلك منا ومنه شكوناه إلى الوزير، فوكل به من لازمه حتى رفع حسابه لعدة سنين، وتشاغلت بعمل مؤامرة، فلم أجد عليه كبير تأول. وحضرنا بين يدي الوزير لمناظرته، وقد كنت صدرت أول باب من المؤامرة بأنه فصل تفصيلًا لثمن الغلة المبيعة جملته على موجب التفصيل أكثر من الجملة التي أوردها بألف دينار، فقال: أتتبع. فتتبع إلى أن صح الباب. فقال: وماذا يكون؟ هذا غلط من الكاتب في الجملة. فبدأت أكلمه. فأسكتني أخي، وأقبل على الوزير فقال: أيها الوزير، صدق. هذا غلط في الحساب، فالدنانير في كيسي من حصلت؟ فقال الوزير: صدق أبو العباس، والله لا وليت عملًا يا لص. ثم أتبعت هذا الباب بباب آخر، وهو ما رفعه ناقصًا عما كتب به من كيل غلة عند قسمتها، فلما توجهت عليه الحجة قال: أريد كتابي بعينه، فبدأت أُكلمه، فأسكتني أخي وقال: هذا أيها الوزير طعن على ديوانك، ونسخ الكتب الواردة والنافذة شاهد عدل. فقال: صدق يا عدو الله. وأمر بجره فجر. وما برحنا حتى أخذنا خطه بثلاثة عشر ألف دينار فأهلكناه بها، وما عمل كبير عمل بعدها.
وحدث أبو الحسين قال: سمعت أبا الحسن بن الفرات يقول: ناظرت الجهظ أحد العمال على مؤامرة قد عملناها له، وكنت أنا وأخي نأخذ خطه بباب باب، فلما كثر ذلك قالي لي سرًا: ليس العمل في الخط، العمل في الأداء، وستعلمون أنكم لا تحصلون مني على شيء، فسمعته أنا وسمعه الوزير أبو القاسم عبيد الله بن سليمان، لأننا كنا في مجلسه، فقال له: أعد ما قلت. فاضطرب. فقال: لا بد أن تعيده. فأعاده. فقال: إذن لا تلى لي والله عملًا أبدًا،
1 / 88