إسماعيل بن بلبل، وذلك أنه كثرت شكوى المعتمد إلى أخيه الموفق من إسماعيل، فأراد الموفق أن يقضي حقه بصرف إسماعيل إلى أن يسكن ما في نفس المعتمد، فقال له: اخرج إلى ضياعك بكوثي وأقم فيها مدة شهر معتزلًا للعمل، ثم عد بعد ذلك. وقلد مكانه الحسن ابن مخلد. فاستخلف الحسن أبا نوح، وكان أبو نوح يكاتب إسماعيل بن بلبل بأخبار الحسن، فلما عاد إسماعيل إلى الوزارة حضره أبو نوح، وجعل يخاطبه مخاطبة مأنوس به. وإسماعيل يلوي وجهه عنه. فلما خلا به أقبل عليه وقال له: إن الحال التي قدرتها قربتك مني هي التي نفرتني منك ومنعتني الثقة إليك، لأنك إذا لم تصلح لمن اصطنعك ورفعك وقلدك من العمل أكثر مما قلدتك لم تصلح لي، وما أُحب كونك بحضرتي ولا اختلاطك بخاصتي. فاختر بريد ناحية تشاكل طبعك. فاختار بريد ماء البصرة، فقلده إياه. وقال أبو الحسن بن قرابة: سمعت أبا الحسن بن الفرات يقول لكاتب نجع وقد سأله تضمينه الصدقات بفارس: إنما يرغب في عقد الضمان على تاجر ملي، أو عامل وفي، أو تانيء غني. فأما أصحاب الحروب فعقد الضمان عليهم ومطالبتهم بالخروج من أموالها تستدعي منهم العصيان، وخلع طاعة السلطان. قال: وسمعته يقول: من وازن من الكتاب المحاسبة، وأوضح الحجة في المكاتبة، وألزم العامل الواجب في المعاملة، كان حقيقيًا بما انتسب إليه.
1 / 82