نفس ولده أبي عمر والتصدق عليه به. فقال أبو الحسن: الجناية عظيمة، ولا يمكن تخليته إلا بمال جليل يطمع الخليفة فيه من جهته. فبذل يوسف أن يفقر نفسه وابنه طلبًا لبقائه. وتلطف ابن الفرات فيما قاله المقتدر بالله وقرر أمر أبي عمر على مائة ألف دينار، فأدى منها تسعين ألفًا، من جملتها خمسة وأربعون ألفًا كانت عنده للعباس بن الحسن، وأمره ابن الفرات بعد ذلك بملازمة داره وألا يخرج منها لئلا يجعل له حديث مجدد. وكان أبو القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد مدلًا على أبي الحسن بن الفرات بمودة بين أسلافه وبين أبي جعفر والد أبي الحسن وأبي العباس عمه، وباختصاصه هو به، فوجه أبو الحسن الكتب إلى أصحاب المعاون في البيعة لعبد الله بن المعتز بخطه، فلم يظهر ذلك المقتدر بالله ولا ذكره، واعتمد التقديم له والتنويه به، وكان سليمان قد تقلد لعلي بن عيسى مجلس العامة في ديوان الخاصة. فقلده ابن الفرات هذا الديوان رئاسة. ثم إن سليمان شرع لأبي الحسن بن عبد الحميد في الوزارة، وعمل في ذلك نسخةً بخطه عن نفسه إلى المقتدر بالله يسعى فيها بابن الفرات وكتابه وضياعه وأمواله، وقام ليصلي صلاة المغرب مع جماعة من الكتاب فسقطت من كمه، فأخذها الصقر بن محمد الكاتب، وكان إلى جانبه، فحملها إلى ابن الفرات من وقته، فلما وقف عليها قبض عليه وحدره في زورق مطبق إلى واسط، وقد أوردنا مستأنفًا ما فعله معه بعد ذلك. ومضى لأبي الحسن بن الفرات في وزارته هذه ثلاث سنين وثمانية أشهر
1 / 33