دون السواد، فلو كان الذي به الاشتراك والافتراق وصفا وراء اللفظ وحالا لثبت للحال حال، وذلك يؤدي إلى التسلسل هذا على تقدير تسليم الاشتراك، وسيأتي كلام المصنف بين الفريقين.
وبه يتبين لك أن المثبتة ذهبوا إلى أن الحقائق لا يفيد تعينها كمطلق البياض مثلا، لا يفيد بياض زيد مثلا فهو لا يشارك سواد عمرو كما قالت النفاة.
قال المثبتون: الاشتراك والافتراق قضية عقلية وراء اللفظ، وإنما وضع اللفظ على وفق ذلك ومطابقته، ونحن إنما تمسكنا بألفاظنا العقلية دون الألفاظ الوصفية. ومن اعتقد أن العموم والخصوص يرجعان إلى اللفظ المجرد قد أنكر الحدود العقلية للأشياء، والأدلة القطعية على المدلولات، والأشياء لو كانت تتمايز بذواتها ووجودها لبطل القول بالقضايا العقلية، وانحسم الاستدلال بشيء حاصل على شيء مكتسب مستحصل، وما لم يندرج في الأدلة العقلية عموما عقليا لم يصل إلى العلم بالمدلول قط، وما لم يتحقق في الحد شمول لجميع المحدودات لم يصل إلى العلم بالمحدود.
قال النافون: الكلام على المذاهب ردا وقبولا إنما يصح بعد كون المذهب معقولا، ونحن نعلم بالبديهة ألا واسطة بين النفي والإثبات، ولا بين العدم والوجود، وأنتم اعتقدتم الحال لا موجودة وهو متناقض بالبديهة، ثم فرقتم بين الثبوت والوجود، فأطلقتم عليها لفظ الثبوت فنفس المذهب إذا لم يكن معقولا كيف يسوغ استماعه؟
1 / 57