وقد ذكر القولين السعد التفتازاني. هذا تمام الكلام على السؤال الأول، وبما ذكر منه في الإيمان عن السعد تعلم صحة قول من قال: إنه لا يثاب على الإيمان، وصحة قول من قال: إنه يثاب عليه، يعني إن نظر إلى نفسه الذي هو انفعال على ما سبق أنه الحق فهو من كيفيات النفس وليس كسبيا؛ فلا يثاب عليه، يعنى يثاب عليه باعتبار مبادئه الموصلة إليه.
وأما على القول الذي نسب لبعض المحققين: إنه فعل من أفعال النفس فهو كسبي بلا شك، فالثواب عليه. لكن وجه بعض الأصوليين عدم الثواب عليه بأنه قربة، وكل قربة لا يثاب عليها إلا بشرطها الذي هو الإيمان. وليس قبل الإيمان إيمان فلم يحصل شرط الثواب، وهذا إن صحّ دليلا فلنا أن نقول به في أول جزء منه، أما استمراره فيثاب عليه؛ لأسبقية الإيمان عليه إذ هو عرض كسائر الأعراض، ومنه تعلم أنه حادث، إذ ليس فيه إلا قولان: فعل من أفعال النفس، أو انفعال وهما حادثان بالضرورة.
وما يوجد في بعض المقيدات منسوبا للتفتازاني على الرسالة، وجوابه لزروق (١) عليها، كما وقفت عليه من أن الإيمان من قال
_________
(١) زروق أحمد بن أحمد (٨٤٦ - ٨٩٩ هـ = ١٤٤٢ - ١٤٩٣ م): فقيه محدث صوفي. من تصانيفه: " النصيحة الكافية لمن خصه الله بالعافية "، " القواعد" ... انظر ابن القاضي، جذوة الاقتباس ص٦٠. محمد مخلوف، شجرة النور الزكية ص٢٦٧
1 / 48