ذلك من الإدراك بمكان، ولا تصل إليه إلا أقوى الأذهان.
وأما نقلا فقد قال ابن عرفة (١) في شامله الكلامي: التقليد اعتقاد جازم لقول غير معصوم صحيحه ما طابق برهانا إما بدليل إجمالي معجوز عن تقريره، وحل شبهه، أو تفصيلي مقدور عليهما فيه يعفي إيمان ذي التقليد فيهما، لا مع عصيانه بترك النظر إن قدر أو معه ثالثها هو كافر، ثم اشتغل بعزو الأقوال هذا محل الحاجة منه.
قال المنجور (٢) في قوله معجوز عن تقديره وحل شبهه، هو نعت على سبيل الكشف، وكذا قوله مقدور عليهما فيه يعني التفصيلي هو نعت له أيضا على سبيل الكشف، فظهر من هذا كله إن الجملي معناه ما لم يتوصل المكلف إلى معرفته، بمعنى لا يقدر على تقريره، ولا يرد عليه من الشبه، مع كونه مطمئن القلب به، متمكنا منه، ولنحو هذا أشار السنوسي بقوله: ولا يشترط التعبير عما حصل في القلب، وتبين أن التفصيلي هو ما علمه المكلف قادرا على تقريره، وحلّ شبهه والتعبير عنه،
_________
(١) ابن عرفة محمد بن محمد (٧١٦ - ٨٠٣ هـ /١٣١٦ - ١٤٠٠ م): فقيه مالكي تونسي. من كتبه: المختصر الكبير في فقه - ط. المختصر الشامل في التوحيد - خ. انظر أحمد بابا التنبكتي، نيل الابتهاج ص٤٦٣. مخلوف، شجرة النور الزكية ص٢٧٧.
(٢) المنجور أحمد بن علي (٩٢٦ - ٩٩٥ هـ = ١٥٢٠ - ١٥٨٧ م): فقيه مغربي، وله علم بالأدب. من كتبه: " نظم الفرائد ومبادئ الفوائد لمحصل المقاصد"، " الحاشية الكبرى على شرح كبرى السنوسي" ... انظر ابن القاضي، لفظ الفرائد ص٢٨٩. محمد الصغير الإفراني، صفوة من انتشر ص٤.
1 / 41