المشيئة بمعنى الأمر، ولأجل هذا طالبهم بإخراج العلم بذلك، وإظهار الحجة على ما ادعوه من كتبهم، وقال: ﴿إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون﴾ (١)، إذ لم يرد بذلك أمر ولا وجدوا في كتبهم به تكليفا، ثم رد عليهم بإثبات المشيئة بمعنى التخصيص بالوجود والتصريف للأمر، فقال: ﴿فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (٢). انتهى.
فعلم من مجموع كلامه: أن الرضى والسخط يرجعان للإرادة وهي واحدة، ويختلف حكمها وتسميتها باختلاف المراد، واتفق الجميع على اتحاد المشيئة والإرادة خلافا لبعض المبتدعة، أن المشيئة قديمة والإرادة حادثة، وقد ذكر اتحادهما المقترح (٣)، وأبو بكر (٤)، والشيرازي (٥). والسعد التفتازاني (٦)، ناسبا التخالف بينهما لبعض المبتدعة، وعلم من كلامهم: أن الرضى والمحبة أيضا شيء واحد، وأن السخط والعداوة والبغض والكراهية هي أيضا متحدة، وهي مقابلة الرضى والمحبة، وهي حيثيات للإرادة من حيث المتعلق، أو هي الإرادة على ما سبق، ونعني بالكراهية الشرعية إذ لا يخفى أن العقلية نقيض الإرادة فكيف تكون عينها أو نوعها.
_________
(١) الأنعام: ١١٦
(٢) الأنعام: ١٤٩
(٣) المقترح شرح الإرشاد ص: ٨٢
(٤) أبو بكر الباقلاني، الإنصاف ص ٤٦.
(٥) الشيرازي، شرح اللمع ص ٥٦.
(٦) السعد التفتازاني، شرح العقائد النسفية ص ١٠٢.
1 / 23