टोकविल: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय

मुस्तफा मुहम्मद फ़ुआद d. 1450 AH
4

टोकविल: एक बहुत ही संक्षिप्त परिचय

توكفيل: مقدمة قصيرة جدا

शैलियों

أنتج هذا الكتاب تحت رعاية مجموعة «قيم المجتمع الحر» التابعة لمعهد هوفر بجامعة ستانفورد؛ حيث أعمل زميلا أول بكرسي كارول جي سايمون. وقد ساعد في ظهوره أيضا زمالة بحثية في مؤسسة كارل فريدريش فون سيمنز في ميونيخ بألمانيا، امتدت طوال الأشهر الستة الأولى من عام 2009 بدعوة من صديق عمري د. هاينريش ماير. ويجب ألا أنسى في هذا المقام توجيه الشكر لجامعة هارفرد على كرمها الذي تبديه لي دائما؛ فهي المكان الذي قضيت فيه معظم حياتي في واقع الأمر. وأنا ممتن أيضا لكاثرين سينسن لنقدها القيم والموضوعي للكتاب، الذي قدمته لي باحترام شديد. وقد كانت زوجتي الراحلة ديلبا وينثروب، التي كان من المفترض أن تشاركني تأليف هذا الكتاب، في خاطري طوال الوقت وأنا أخط هذا الكتاب.

مقدمة: ليبرالي من نوع جديد

من هو ألكسي دي توكفيل؟ هو، بالتأكيد، كاتب صاحب أسلوب بارع، لكنه كاتب أعمال غير قصصية يتحدث عن الحقيقة والواقع بعبارات آسرة وصياغات جذابة. هو أيضا عالم اجتماع، لكنه لم يستخدم المنهجية المعقدة والحياد غير التدخلي والموضوعية المصطنعة التي يستخدمها علماء الاجتماع اليوم. وقد كان مدافعا عن السياسة ومصلحا فيها في نفس الوقت، متبعا المنهج العلمي في بعض الأحيان، لكن دون أن يسمح لهذا المنهج العلمي بأن يتعارض مع هدفيه السابقين. هل كان مؤرخا؟ نعم؛ لأنه كتب عن الديمقراطية في أمريكا، التي كانت حينها وما زالت حتى الآن مهدها الأساسي، وكتب كذلك عن النظام القديم في فرنسا، الذي كان - بحسب قوله - يرى أن الديمقراطية بدأت فيه؛ والمدهش أن هذا كان في شكل حكم رشيد من قبل نظام ملكي. لم يكن يكتب مثل المنظرين المنفصلين عن الزمان والمكان، غير أنه كان يسعى دائما وراء الأسباب ولم يكن مجرد سارد للأحداث، وقد اختار كذلك أن يكتب عن أهم الأحداث، أو «الأسباب الأولى»، على حد زعمه. هل كان فيلسوفا؟ هذا سؤال صعب، على الرغم من أن الكثيرين ممن يربطون بين الفلسفة والنظام السياسي سيجيبون على هذا السؤال بالنفي، أما أنا فأرى أنه يحمل من سمات الفلاسفة أكثر مما يبدو. يمكننا الاتفاق على أنه «مفكر»، على الرغم من أنها كلمة غير معبرة إلى حد كبير عن شخص كانت لديه شكوك تجاه الفلسفة.

هل كان رجلا عظيما؟ هذا مؤكد؛ هو رجل عظيم لنفاذ بصيرته، وأيضا لأنه أخذ على عاتقه تفسير العظمة في عصر ديمقراطي في الوقت الذي كانت فيه محل هجوم أو ببساطة مغفلة تماما. إنه رجل عظيم ربط بين الديمقراطية والحرية من جهة، والعظمة من جهة أخرى.

شكل 1: ألكسي دي توكفيل في عام 1850. عندما ولد توكفيل، نظر أبوه إلى وجهه المعبر على نحو مدهش، وقال إنه متأكد أنه سيكون رجلا عظيما.

لقد وصف توكفيل نفسه بأنه «ليبرالي من نوع جديد». أما اليوم، فهو غير معروف باعتباره ليبراليا، كما هو الحال بالنسبة إلى صديقه جون ستيوارت ميل، الذي ألف كتابا عنوانه «عن الحرية» لتفسير المبادئ الليبرالية وتأييدها. يبدو أن توكفيل كان يميل أكثر للوصف والتحليل بصفته عالم اجتماع، غير أن أسلوبه كان بارعا. وعلى الرغم من أن أعماله كانت تزخر بالرؤى الكاشفة، فإن أفكاره نبعت من رصد الحقائق بدلا من أن تظهر مرتبة على نحو منهجي في تسلسل الحجج. لكنني سأحاول أن أحافظ له على الوصف الذي أطلقه على نفسه، وأوضح أنه يستحق المرتبة الأعلى بين الليبراليين؛ فقط لأنه لم يكن منظرا كما يريد عادة الليبراليون أن يكونوا.

إذا كان توكفيل ليبراليا من نوع جديد، فهذا يعني أن الليبرالية نفسها ليست شيئا جديدا. صحيح أن كلمة «ليبرالي» قد بدأ استخدامها فقط في عصر توكفيل، لكن كان أساس تلك الليبرالية قبل ظهورها موجودا في معتقدات المنظرين السياسيين المحدثين في القرن السابع عشر، وبالأخص توماس هوبز وباروخ سبينوزا وجون لوك، الذين جعلوا الأساس الذي انطلقوا منه هو أن الإنسان حر بطبيعته. لقد كانوا يقصدون أنه قبل أن يصبح الإنسان جزءا من مجتمع أو نظام سياسي ما، لا بد أنه كان في حالة مجردة (أي «الحالة الطبيعية»)؛ حيث كان حرا في اختيار المجتمع الذي قد يرغب في الانضمام إليه ونظامه السياسي. لا يعتقد توكفيل أن الإنسان بدأ في تلك الحالة التي كان فيها «كامل الحرية»، بحسب قول لوك، ولا يعتقد أن الحرية سبقت السياسة. يبدو أن توكفيل كان يتفق بدلا من ذلك مع أرسطو، وهو الفيلسوف القديم الذي عارضه المنظرون المحدثون هؤلاء، والذي قال إن «الإنسان بطبيعته حيوان سياسي»، قاصدا أن الحرية الإنسانية تضرب بجذورها في السياسة، وليس في حالة طبيعية أصلية سابقة على السياسة.

لم يقل توكفيل إنه يتفق مع أرسطو؛ فهو لم يتفق معه في أن الفلسفة هي أسمى سبل فهم الحياة، ولم يدخل في جدل مع الفلاسفة، ونادرا ما كان يشير إليهم، وعندما كان يفعل، كان عادة ما يهاجمهم؛ ففي كتابه «الديمقراطية في أمريكا»، قال عن الأمريكيين الذين كان يمدحهم لممارساتهم الحرة إنهم كانوا «أقل اهتماما بالفلسفة» من أي شعب متحضر آخر. وفي كتابه «النظام القديم والثورة»، هاجم فلاسفة أو «أدباء» عصر التنوير في القرن الثامن عشر لقيامهم بالتنظير في مجال السياسة دون أن تكون لديهم خبرة في مجال الممارسة السياسية. ولم يذكر في كلا العملين الحالة الطبيعية الليبرالية. وفي كتابه عن أمريكا، لم يناقش قط المبادئ الليبرالية الأمريكية المنصوص عليها في إعلان الاستقلال الأمريكي. من الواضح أن توكفيل كان مدركا لليبرالية القديمة، لكنه كان يتعامل معها بتجاهلها.

بدلا من ذلك، انتقل توكفيل إلى ليبراليته الجديدة التي فيها تكون الحرية متصالحة مع الدين وملهمة للإحساس بالفخر وموجهة بالمصلحة الشخصية. تحتاج الليبرالية الجديدة إلى «علم سياسة جديد ... لعالم مختلف تماما»، لم يحدد توكفيل أبعاده في منظومة من المبادئ، شبيهة بمنظومة المبادئ الخاصة بليبرالية القرن السابع عشر. وهي ليست علم السياسة الخاص بمونتسكيو؛ عالم السياسة الأكثر حداثة في القرن الثامن عشر، الذي كان بمنزلة المرجعية لليبراليين في عصر توكفيل من أمثال بنجامين كونستان وفرانسوا جيزو، وكان سابقا على الأمريكيين الذين صاغوا «الوثيقة الفيدرالية». إن علم السياسة الجديد الخاص بمونتسكيو صيغ للعالم الذي سبق ظهور الديمقراطية الحديثة التي غيرت هذا العالم لآخر «مختلف تماما»، وذلك قبل أن تخرج الولايات المتحدة الأمريكية للنور.

يتناول علم السياسة الخاص بتوكفيل الحرية كما مورست في مجتمع موجود بالفعل، هو المجتمع الأمريكي، وليس من الناحية النظرية التي تسبق الممارسة الفعلية. هذا ما جعل كتاباته تبهر قراءه وتقنعهم؛ لأنها كانت حافلة بالأدلة والملاحظات والأمثلة. غير أن تحليله - الذي كان يبدو في الغالب تلقائيا، بل حتى غير منظم أيضا - كان لا ينتقل من نقطة لأخرى دون هدف؛ فكل نقاش كان له دوره في كيان كلي تتضح ملامحه تدريجيا. سأتناول في كتابي هذا عن توكفيل خمسة جوانب عن ليبراليته الجديدة، وكلها على نحو ما متعلقة بالديمقراطية؛ لأن الديمقراطية هي العالم الجديد الذي يجب أن تعيش فيه الحرية وتزدهر.

अज्ञात पृष्ठ