هز رأسه في حركة من لوازمه، ومد أصابعه تحت الفانلة وجعل يدعك صدره بقوة ليفرك القذارة التي تكومت عليه؛ فبسبب مرضه كان معفيا من الاستحمام، وهي عملية لم يكن يستسيغها منذ صغره لا كرها في النظافة وإنما بدافع الكسل. وبهذا الدافع كان وهو صغير ينام بملابس الخروج، كي يختصر الوقت لارتدائها في الصباح قبل الذهاب إلى المدرسة. وهي عادة اضطر أن يقلع عنها عندما أخذ الابتدائية والتحق بالوزارة.
شبك يديه على بطنه، وتطلع مرة أخرى إلى المنبه. بعد عشر دقائق يحين موعد نشرة الأخبار. ولا بد أن يأتي سيد قبل ذلك ليدير الراديو الموضوع في الصالة.
ومن المطبخ أتاه صوت طشيش التقلية قبل أن يشم رائحتها. واعتدل في مكانه وهو يطرف بعينيه خلف النظارة السميكة كي لا يفوته باب الشقة عندما فتح ودخل سيد.
وارتفع صوت الأم من المطبخ: «سيد؟ جئت يا حبيبي؟»
عبر سيد الصالة بعد أن أغلق الباب من ورائه، ووضع الخبز على مائدة الطعام، ثم اتجه إلى الغرفة التي جلس أبوه في صدرها وهو يقول في صوت مرتفع حتى يبلغ أمه في نفس الوقت: «السلام عليكم.»
كتم العجوز خيبة أمله عندما تبين أن سيد لم يحضر معه شيئا من الفاكهة، ومد يده فتناول منه الصحيفة قائلا: «ما هي الأخبار؟»
مط سيد شفتيه وهو يجلس بجوار أبيه على حافة الفراش، ويمد يده ليفك رباط حذائه: «لا شيء.»
ثم: «فقط بلاغ عسكري.»
ودب النشاط فجأة في العجوز إلى أن أضاف سيد: «عشر دقائق من النيران المتبادلة.»
قال العجوز مكافحا خيبة أمله: «لكن الحرب ستقع.»
अज्ञात पृष्ठ