فقال السير كنث وقد حدق ببصره الثاقب ما استطاع في شيء يكاد لا يراه في أسفل المنحدر، ولم يستطع أن يتبين له شكلا أو هيئة: «ومن عسى أن تكون أيها الداني من منصبي، حذار! حذار! إنما أنا هنا للموت أو الحياة.»
فرد عليه الصوت قائلا: «أبعد مخالب شيطانك الطويلة، وإلا فسأرميه بسهم من قوسي.»
وسمع في ذات الحين صوت انثناء أو جذب كذلك الذي تسمعه حينما تشد القوس.
فقال الاسكتلندي: «أقم قوسك ولا تثنها، وتعال في ضوء القمر، وإلا فبحق القديس أندراوس لأطرحنك أرضا، وكن ما شئت أو من شئت!»
وأمسك برمحه من وسطه وهو يتكلم، ودنا ببصره نحو ذلك الجسم الذي كان كأنه يتحرك، وهز بسلاحه كأنه يفكر في قذفه من يده - والسلاح يستخدم أحيانا، وإن يكن نادرا، ويركن إليه حين تلزم الرماية. ولكن السير كنث استحى من مقصده، فرمى بسلاحه أرضا حينما أقبل من الظلام إلى ضوء القمر مخلوق مقعد عاجز، وكأنه ممثل قد أقبل على المسرح، وقد عرف السير كنث من زيه الغريب وتشويه خلقه، ولما يزل بعيدا عنه، أنه ذكر القزمين اللذين رآهما في معبد «عين جدة». وفي تلك اللحظة عينها عادت إلى ذاكرته المشاهد الأخرى التي رآها في تلك الليلة الفريدة، وهي تختلف جد الاختلاف عن هذا القزم في مرآها، وأومأ إلى كلبه بإشارة أدركها الكلب في الحين، فأوى إلى العلم ورقد إلى جواره وهو يدمدم بصوت مختنق.
هذه الصورة الإنسانية الصغيرة المشوهة،
2
بعدما أيقنت من سلامتها من هذا العدو المخيف، أقبلت تصعد الجبل وهي تلهث من الإعياء؛ وكان الصعود شاقا على ساقيه القصيرتين، ولما بلغ مستوى القمة، نقل إلى يسراه القوس الصغيرة، وهي أشبه باللعبة التي كان يسمح للأطفال في ذلك الأوان أن يصيدوا بها صغار الطير، ووقف موقف الكرامة والاعتزاز بالنفس، ومد يمناه برشاقة وكياسة إلى السير كنث، وتدل هيئته على أنه كان يرتقب منه أن يلثمها، ولما لم يفعل ذلك السير كنث، طلب إليه بصوت فيه رنة الحدة والغضب وقال: «أيها الجندي، لماذا لا تؤدي إلى «نكتبانس» الولاء الواجب لكرامته؟ أو قد نسيته؟»
فأجاب الفارس وهو يود لو يخفف من حدة هذا المخلوق وقال: «أي نكتبانس العظيم، إن هذا عسير على كل من وقعت عليك عيناه. وإني لأسألك العفو، إذ إني كجندي أؤدي واجبي ورمحي بيدي ليس لي أن أسمح لرجل من شاكلتك أن يدنو من مكان حراستي، أو أن يسيطر على سلاحي، وحسبك أني أحترم كرامتك، وأخضع لك خاشعا على قدر ما يستطيع جندي في مكاني أن يخضع.»
فقال نكتبانس: «حسبي هذا، إن كنت بعد قليل تصحبني إلى حضرة أولئك الذين بعثوا بي إلى هنا كي أستدعيك.»
अज्ञात पृष्ठ