فقال الدوق: «أي جلالة ملك فرنسا، إني أعمد إليك وإلى كل أمير ملكي في هذا الخزي المشين الذي كابدته وعانيت منه. إن ملك إنجلترا هذا قد نزع رايتي ومزقها وداسها.»
فقال رتشارد: «أجل، لأنه بلغ من الجرأة أن يرفعها إلى جوار رايتي.»
فأجاب الدوق وقد شجعه مثول فيليب: «إن مكانتي كند لك تخول لي هذا.»
فقال الملك رتشارد: «وحق القديس جورج لو أعلنت هذه المساواة بينك وبيني لفعلت بك ما فعلت بهذه الراية الموشاة التي لا تليق إلا بأدنى وظيفة يمكن لراية أن تؤديها.»
فقال فيليب: «صبرا أخي ملك إنجلترا، ولسوف أري الآن دوق النمسا أنه مخطئ في هذا الشأن.» ثم استأنف الكلام وقال: «لا تظنن أيها الدوق النبيل أننا، إذ نرضي لعلم إنجلترا أن يحتل المكانة العليا في معسكرنا، نقر - نحن ملوك الحرب الصليبية المستقلين - بأننا أصغر من الملك رتشارد شأنا، أو أحط منه قدرا؛ كلا، ليس هذا من الصواب في شيء، ما دام لواء الجهاد ذاته - وهو علم فرنسا الأعظم الذي ليس الملك رتشارد نفسه فيما يخص أملاكه الفرنسية إلا تابعا له - يتبوأ الآن مكانة أدنى من ليوث إنجلترا.
6
ولكنا - كإخوة في الصليب - قد أقسمنا له جميعا يمين الولاء، وكحجاج حربيين قد طرحنا عظمة الدنيا وكبرياءها جانبا، وأخذنا نشق بسيوفنا طريقا إلى القبر المقدس، فتخيلت أنا نفسي وغيري من الأمراء للملك رتشارد - احتراما لصيته الذائع ومآثره في القتال - عن هذا التصدر الذي ما كنا لنسلمه له في مكان غير هذا المكان، وتحت بواعث غير هذه البواعث. وإني على يقين أنك يا صاحب الفخامة الملكية دوق النمسا، لو تدبرت ما أقول، سوف تأسف على أنك رفعت رايتك في هذا المكان، وأنا على ثقة بأن جلالة ملك إنجلترا سوف يرضيك بعد هذا لما ألحق بك من مهانة.»
وكان المحدث والمهرج كلاهما قد أويا إلى مكان بعيد مطمئن حينما ادلهمت الأمور وأنذرت بالقتال، ولكنهما عادا بعد أن عرفا أن المكان - وهو جل بضاعتهم - قد أوشك أن يكون هو الحكم في ذلك اليوم.
وكم سر رجل الأمثال (أي المحدث) من خطاب فيليب السياسي حتى لقد هز بعصاه عند اختتام الكلام كأنه يؤيد ما قال فيليب، ونسي الحضرة التي كان ماثلا لديها، وبلغ به النسيان أن رفع عقيرته قائلا إنه هو نفسه لم يفه حياته بكلام أحكم من هذا.
فهمس جوناس شوانكر وقال: «قد تكون مصيبا فيما تقول، ولكنك إن رفعت صوتك بالكلام فستضربن بالسياط.»
अज्ञात पृष्ठ