211

فقالت أديث بصوت خافت لا يعارض الموسيقى: «كلا يا سيدي، إن أحدا لن يسعه أن يحمل في نفسه العدواة للملك رتشارد، وهو يتعطف علينا بالكرم والنبل، وهما من شيمته حقا، كما أنه رجل شهم كريم.»

وما إن فرغت من حديثها حتى مدت يدها إليه، فلثمها الملك إيماء إلى التئام القلوب ثم قال: «إنك تحسبين يا ابنة عمي الحسناء أني كنت أتكلف الغضب في هذا الأمر؛ كلا، لقد خدعتك نفسك؛ إن العقوبة التي وقعت على هذا الفارس كانت عادلة، ومهما بلغ به الإغراء يا ابنة عمي الفاتنة فلقد خدعنا فيما وكلنا إليه من ثقة، ولكن سروري كسرورك عظيم بأنا الغد سوف يهيئ له الفرصة ليكسب المعركة ويرد العار - الذي التصق به زمنا - إلى السارق والخائن الحق. كلا! إن المستقبل قد يعذل رتشارد على تهوره وحمقه، ولكنهم سوف يقولون إنه في حكمه كان يعدل حين تجب العدالة، ويرحم حينما يجد إلى الرحمة سبيلا.»

فقالت أديث: «لا تسبح بحمد نفسك يا ابن عمي، فلربما رأوا في عدالتك القسوة، وفي رحمتك الهوى.»

فقال لها الملك: «وأنت لا تفخري بنفسك، كأن فارسك الذي لما يمتشق سلاحه قد أخذ ينزعه بعد الظفر والانتصار؛ إن كنراد منتسرا معروف بمهارته في الضرب بالرماح، فماذا لو خسر الاسكتلندي في النزال؟»

فأجابت أديث مؤكدة متثبتة وقالت: «هذا محال! لقد شهدت بعيني رأسي كنراد هذا وهو يرتعد ويتغير لونه كاللص الدنيء . إنه آثم، وامتحانه بالمبارزة احتكام إلى عدالة السماء، لو كان لي أنا نفسي أن أنازله في مثل هذا الأمر لنازلته بغير وجل.»

فقال الملك: «وحق القداس إني لأظنك تستطيعين ذلك أيتها المرأة، ثم توقعين به الهزيمة؛ فما تنفس من أبناء بلانتاجنت من هو أصدق منك قولا.»

وسكت قليلا ثم قال في نغمة الجد الصارم: «ولكني أوصيك أن تذكري أبدا ما يجب لكرم منبتك.»

فقالت أديث: «وماذا تعني بهذا النصح الذي تنصحني به في هذه اللحظة جادا؟ هل أنا من خفة الطبع بحيث أنسى اسمي، وحالي؟»

فأجابها الملك قائلا: «سوف أكلمك صريحا يا أديث، وكما يكلم الصديق الصديق؛ ما شأن هذا الفارس بك لو أنه خرج من هذه المبارزة ظافرا؟»

فاشتد احمرار أديث خجلا وغضبا وقالت: «شأنه بي؟ ماذا عساه أن يكون لي أكثر من فارس كريم، قمين بما قد توليه الملكة برنجاريا من رضا وعطف، لو أنه اختارها سيدة له بدلا من انتقائه من هي أقل منها قدرا؟» ثم قالت وهي تفخر: «إن أدنى فارس قد يكرس نفسه لخدمة العاهلة، ويكفيه منها عظمتها جزاء.»

अज्ञात पृष्ठ