تفسير التبيان ج1
اذا كان مما طريقه العلم، ومتى كان التأويل يحتاج إلى شاهد من اللغة، فلا يقبل من الشاهد إلا ما كان معلوما بين اهل اللغة، شائعا بينهم.
وأما طريقة الآحاد من الروايات الشاردة، والالفاظ النادرة فانه لايقطع بذلك، ولا يجعل شاهدا على كتاب الله وينبغي أن يتوقف فيه ويذكر ما يحتمله، ولايقطع على المراد منه بعينه، فانه متى قطع بالمراد كان مخطئا، وان أصاب الحق، كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله لانه قال تخمينا وحدسا ولم يصدر ذلك عن حجة قاطعة وذلك باطل بالاتفاق.
واعلموا ان العرف من مذهب اصحابنا والشائع من اخبارهم ورواياتهم ان القرآن نزل بحرف واحد، على نبي واحد، غير انهم اجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله الفراء وأن الانسان مخير باي قراءة شاء قرا، وكرهوا تجويد قراءة بعينها بل اجازوا القراءة بالمجاز الذي يجوز بين القراء ولم يبلغوا بذلك حد التحريم والحظر وروى المخالفون لنا عن النبي صلى الله عليه وآله انه قال: (نزل القرآن على سبعة احرف كلها شاف كاف) وفي بعضها: (على سبعة ابواب) وكثرت في ذلك رواياتهم. لامعنى للتشاغل بايرادها واختلفوا في تأويل الخبر، فاختار قوم ان معناه على سبعة معان: أمر، ونهى، ووعد، ووعيد، وجدل، وقصص، وأمثال وروى ابن مسعود عن النبى " ص " انه قال: " نزل القرآن على سبعة أحرف: زجر، وأمر، وحلال، وحرام، ومحكم، ومتشابه، وامثال.
" وروى ابوقلامة عن النبى [ ص ] انه قال: [ نزل القرآن على سبعة أحرف: أمر، وزجر، وترغيب، وترهيب، وجدل، وقصص، وأمثال. ]
وقال آخرون: [ نزل القرآن على سبعة أحرف ] أي سبع لغات مختلفة، مما لا يغير حكما في تحليل وتحريم، ومثل. هلم. ويقال من لغات مختلفة، ومعانيها مؤتلفة. وكانوا مخيرين في أول الاسلام في أن يقرأوا بما شاءوا منها. ثم اجمعوا على حدها، فصار ما اجمعوا عليه مانعا مما اعرضوا عنه.
وقال آخرون: [ نزل على سبع لغات من اللغات الفصيحة، لان القبائل بعضها افصح من بعض ] وهو الذى اختاره الطبرى.
وقال بعضهم: [ هي على سبعة اوجه من اللغات، متفرقة في القرآن، لانه لايوجد حرف قرئ على سبعة اوجه. ] تفسير التبيان ج1
पृष्ठ 6