90
(أَفَكُلَّمَا): دَخَلَتِ الْفَاءُ هَاهُنَا لِرَبْطِ مَا بَعْدَهَا بِمَا قَبْلَهَا وَالْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ الَّذِي بِمَعْنَى التَّوْبِيخِ. وَ«جَاءَكُمْ» يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ، وَبِحَرْفِ الْجَرِّ، تَقُولُ: جِئْتُهُ وَجِئْتُ إِلَيْهِ. (تَهْوَى): أَلِفُهُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ يَاءٍ ; لِأَنَّ عَيْنَهُ وَاوٌ، وَبَابُ طَوَيْتُ وَشَوَيْتُ أَكْثَرُ مِنْ بَابِ حُوَّةٍ وَقُوَّةٍ، وَلَا دَلِيلَ فِي هَوِي لِانْكِسَارِ الْعَيْنِ، وَهُوَ مِثْلُ شَقِيَ فَإِنَّ أَصْلَهُ وَاوٌ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَوًى مِنَ الْيَائِيِّ أَيْضًا قَوْلُهُمْ فِي التَّثْنِيَةِ هَوِيَانِ. (اسْتَكْبَرْتُمْ): جَوَابُ كُلَّمَا. (فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ): أَيْ فَكَذَّبْتُمْ فَرِيقًا، فَالْفَاءُ عَطَفَتْ كَذَّبْتُمْ عَلَى اسْتَكْبَرْتُمْ، وَلَكِنْ قُدِّمَ الْمَفْعُولُ لِيَتَّفِقَ رُءُوسُ الْآيِ. وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ ; أَيْ فَفَرِيقًا مِنْهُمْ كَذَّبْتُمْ. قَالَ تَعَالَى: (وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ (٨٨» قَوْلُهُ تَعَالَى: (غُلْفٌ): يُقْرَأُ بِضَمِّ اللَّامِ وَهُوَ جَمْعُ غِلَافٍ. وَيُقْرَأُ بِسُكُونِهَا. وَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: هُوَ تَسْكِينُ الْمَضْمُومِ، مِثْلُ كُتْبٍ وَكُتُبٍ. وَالثَّانِي: هُوَ جَمْعُ أَغْلَفَ مِثْلُ أَحْمَرَ وَحُمْرٍ وَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ ضَمُّهُ وَ(بَلْ) هَاهُنَا إِضْرَابٌ عَنْ دَعْوَاهُمْ، وَإِثْبَاتُ أَنَّ سَبَبَ جُحُودِهِمْ لَعْنُ اللَّهِ إِيَّاهُمْ عُقُوبَةً لَهُمْ. قَوْلُهُ: (بِكُفْرِهِمْ): الْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ (لُعِنَ)، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ النِّيَّةُ بِهِ التَّقْدِيمُ ; أَيْ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ، بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ مُعْتَرِضٌ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الْمَفْعُولِ فِي لَعَنَهُمْ ; أَيْ كَافِرِينَ، كَمَا قَالَ: (وَقَدْ دَخَلُوا) بِالْكُفْرِ [الْمَائِدَةِ: ٦١] .

1 / 89