لأسرة يبدو أنها كانت ميسورة الحال (عاش من حوالي 371- 372 قبل الميلاد إلى حوالي 287 - 288). ويروى أن اسمه الأصلي الذي كان يدعى به هو تيرتاموس، وأن أرسطو هو الذي سماه ثيوفراسطوس (أي المتحدث الإلهي) إعجابا بقدراته ومواهبه الفائقة في الفصاحة وحسن الكلام. وبعد أن أتم تعليمه في مسقط رأسه ذهب إلى أثينا، وحقق حلمه وحلم كل شاب طموح للثقافة الجادة في أيامه بالدخول في أكاديمية أفلاطون وقت أن كان الفيلسوف نفسه لا يزال حيا، كما كان أرسطو - الذي يكبر ثيوفراسط باثني عشر عاما - يعمل في الأكاديمية ويشغل ما يمكن أن نسميه اليوم مهمة المعيد أو المدرس المساعد. وبعد موت أفلاطون (حوالي سنة 347 / 348) توجه ثيوفراسط مع أستاذه - الذي توثقت علاقة المودة والصداقة بينهما - إلى مدينة آسوس
2
في ضيافة الطاغية
3
هيرمياس الأتارنوسي الذي يبدو أنه كان قد أبدى رغبته في افتتاح فرع للأكاديمية الأفلاطونية في بلده. واضطر الفيلسوفان أن يغادرا المدينة، أو إذا أردنا الدقة أن يهربا منها بعد موت هيرمياس ونهايته الفظيعة (قتل عام 345ق.م.)، وأن يذهبا معا إلى مدينة ميتيلينة بجزيرة لسبوس للإقامة فيها فترة قصيرة حسب مشورة ثيوفراسط أو في ضيافته، ولكنهما لم يطيلا المكث هنا أيضا؛ إذ سرعان ما رافق صاحبنا معلمه وصديقه إلى مقدونيا بدعوة من ملكها فيليب والد الإسكندر الأكبر، حيث دامت إقامتهما في البلاط المقدوني قرابة ستة أعوام (من 341 / 342، إلى حوالي 335ق.م.) رجعا بعدها إلى أثينا. ولما مات الإسكندر الأكبر (323ق.م.)، واضطر أرسطو للفرار إلى مدينة خالقيس عاصمة جزيرة أيوبيا - من اضطهاد الوطنيين الأثينيين الذين اتهموه بممالأة المقدونيين والتواطؤ معهم - ثم عاجله الموت (في عام 322)؛ تولى ثيوفراسط رئاسة المدرسة المشائية (اللوقيون) التي كانت تقوم حتى ذلك الحين على الروابط الشخصية، وتفتقر إلى القدر الكافي من التماسك والرسوخ. واستعان ثيوفراسط بتلميذه ديمتريوس الفاليروني
4
في الحصول على قطعة أرض مزودة ببعض المباني الصالحة لتدبير شئون المدرسة المشائية وإضفاء الصبغة القانونية عليها. ومع أنه كان متحفظا بطبعه تجاه الصراعات السياسية الدائرة بين المقدونيين والحزب الأثيني المعارض لهم، كما حافظ على العلاقات الطيبة مع الحكام المقدونيين حرصا على المدرسة وضمانا لاستمرارها في أداء مهمتها؛ فإن هذا لم ينجه ولا أنجاها من الهجمات التي شنها الحزب الأثيني عليهما. وجه إليه شخص مريب يدعى هاجنونيدس تهمة التجديف على الدين، ولكن المحكمة برأته منها بأغلبية ساحقة، كما حاول شخص آخر - يسمى لسوء حظ مؤلف أوديب وأنتيجونا وإليكترا وغيرها من المسرحيات الخالدة باسم سوفوكليس! - أن يخضع المدرسة المشائية لإشراف الدولة، فغادر ثيوفراسط أثينا ومعه بعض فلاسفة المدرسة احتجاجا على هذا الإجراء الخطر الذي لم يلبث أن سقط بمساعدة أحد تلاميذه الأوفياء.
والظاهر مما بقي لدينا من معلومات أن ثيوفراسط كان معلما كفئا جمع بين الذكاء والبراعة والجدية والطيبة والإخلاص، وغيرها من المواهب التي تجذب المتعلمين إلى المعلم كما ينجذب الفراش إلى النور؛ ولذلك لا نعجب من الأخبار التي تقول إن تلاميذه زاد عددهم على الألفين، ومنهم أعلام مشهورون مثل مجدد الكوميديا ميناندر،
5
والسياسي سابق الذكر ديمتريوس الفاليروني، والخطيب داينارخوس،
अज्ञात पृष्ठ